أسطورة مدينة الذهب الضائعة .. الدورادو بين الحقيقة والخيال

بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

تقع مدينة “الدورادو” أو المدينة الذهبية في عمق جبال الأمازون ، التي يُقال إنها مصنوعة بالكامل من الذهب والفضة والأحجار الكريمة ، وبجوارها بحيرة مقدسة مع مخطوطة واحدة تاريخية موجودة لدى السكان الأصليين ، تتحدث عن مدينة الذهب التي لا تزال ضائعة ، ومصير كل مَن يبحث عنها هو الموت . يعود تاريخ مدينة الدورادو إلى حضارة الإنكا المفقودة بجبال الإنديز الوعرة والخطرة ، التي تمتد لمئات السنين وأكثر ، وهي مبنية بدرجة عالية من الحرفية ، تحت غطاء نباتي كثيف بحيث يصعب رؤيتها ، وتعود إلى سنة ١١٠٠م ، وأشهر مدنها هي ماتسوفيتشو التي تم الكشف عنها سنة ١٩١١ م ، مما يعطي أملا كبيرًا في الكشف عن مدينة الدورادو .

 

تُخفي بيرو ، اليوم ، أسرارًا عن المدينة الذهبية ، وهي مدينة كوسكو عاصمة حضارة الإنكا ، حيث تضم أبرز معالم الإنكا ، التي صُنعت جدرانها وتماثيلها وأرضياتها من الذهب الخالص . توجد قبيلة الكيروس في بيرو ، ويتناقل سكانها قصة تؤكد وجود المدينة الضائعة ، حيث يُحكى أن رجلا فقد قطيعا من الثيران ، وعندما ذهب للبحث عنه وجد مدينة الذهب ، التي كان يطلق عليها السكان الأصليون اسم بايتيتي ، وقد أهداه سكان المدينة حبيبات من الذهب الخالص . وصل المستعمرون الأسبان إلى القارة الأمريكية الجنوبية في القرن السادس عشر ، واستولوا على أكبر قدر ممكن من الذهب ، حتى أنهم اقتلعوا الذهب من الجدران والأرضيات ، وقاموا بإرساله إلى أسبانيا .

ذُكر أيضا أن شعب الإنكا تمكَّن من إخفاء كميات كبيرة من الذهب في الدورادو . تعددت الآراء حول موقع المدينة الضائعة ، فالبعض يعتقد أنها في جبال الإنديز ، بينما يعتقد آخرون أنها في غابات الأمازون ؛ لأنها من أكثر المناطق التي لم يتم الكشف عنها فوق سطح الأرض لمساحتها الشاسعة وكثافة أشجارها . يرجح البعض أن المدينة الضائعة تقع في أمريكا الجنوبية ، في الجزء السفلي من بحيرة جواتافيتا أو في منطقة قريبة منها بكولومبيا ، والتي أُطلق عليها أيضا المدينة ذد . وقد ذكر البعض أن المدينة الذهبية بُنيت بواسطة أحفاد حضارة أتلانتس ، الذين انتشروا في مناطق مختلفة على سطح الأرض ، ويُقال إن المدينة كانت على قدر كبير من العظمة والتطور الحضاري .

 

ذكر خوان رودريجرز بعض عادات شعب حضارة الإنكا ، مثل تقليد المختار تاج الزعامة خلفا لسابقه ، والمتمثل في حصوله على الذهب وإلقائه في البحيرة ، حيث لم يكن الذهب بالنسبة لهم يساوي شيئا لكثرته وتوفره في المدينة . بعد العثور على قبيلة الموسكا في القرن السادس عشر بواسطة الأسبان ، بدأت رحلة العثور على الذهب ببحيرة جواتافيتا ، حيث تم توفير آلاف العمال لهذه المهمة ، وتم تجفيف مساحة كبيرة من البحيرة ، وبالفعل تم الحصول على كميات كبيرة من الذهب والجواهر مطمورة في الوحل . كان هذا الكشف كاللعنة على مكتشفيه ، حيث حدثت انهيارات ولقى مئات العمال مصرعهم قبل استخراج باقي الذهب .

بيرسي هاريسون فوست من مواليد سنة ١٨٦٧ م ، عُرف بحبه للاكتشافات وفك ألغاز المدن المفقودة ، الذي أطلق على الدورادو اسم المدينة ذد ، والذي آمن بوجود مدينة الذهب بناءً على ما ذُكر بالمخطوطة ٥١٢ ، التي وجدها في مكتبة البرازيل الوطنية ، والتي ذكر فيها مكتشف كنوز برتغالي وجود مدينة الذهب سنة ١٧٥٣ م في عمق غابات الأمازون ، ووصف المدينة بأنها فخمة ومبانيها متعددة الطوابق ، وبها قناطر مياه عالية وشوارع واسعة تتجه نحو بحيرة ، وكانت هناك حروف مُسجَّلة على جدران المعابد تشبه اللغة اليونانية أو الأوروبية القديمة ، وبها الكثير من العملات الذهبية ، ولكنه فشل في تحديد موقعها بالضبط .

 

قام فوست بثماني رحلات لغابات الآمازون للبحث عن المدينة المفقودة ، ولكنه اختفى فجأة قبل عثوره على المدينة دون أي أثر .

ويُقال إن هذه المدينة كانت تتوسط عدة جبال ، وبها بحيرة ومنازل متناسقة ، وكذلك يوجد بها مناجم للذهب والفضة ، كما ذكر فوست في رسالة لولده قبل أن يختفي دون العثور عليه هو ورجاله ؛ بسبب إما الظروف المناخية الصعبة أو الطرق الوعرة أو الأمراض القاتلة . جاءت رحلة فوست الأخيرة سنة ١٩٢٥ م ، بصحبة ابنه الأكبر چاك وصديقه رالي ريمبل ، وقد تمكن من الوصول إلى حدود الأراضي غير المُستكشَفة من غابات الأمازون ، وأقام مُخيَّما هناك هو ورجاله الذين اختفوا بعد ذلك للأبد ، رغم رسائل الطمأنة التي كان يرسلها فوست لزوجته من قرب العثور على مدينة الذهب .

 

رغم إرسال العديد من الحملات لإنقاذ فوست ورفقائه ، إلا أنهم فشلوا جميعا في ذلك ، ولم يكن مصير تلك الحملات سوى الموت أو الاختفاء للأبد ، والتي بلغت ١٣ حملة . قيل إن فوست ورجاله ماتوا بمرض خطير ، وقيل إنهم قُتلوا بواسطة السكان الأصليين ، أو قُطَّاع الطرق الذين سرقوهم وقتلوهم . قيل أيضا إن فوست قد عثر على مدينة الدورادو الأسطورية ، وقرر البقاء فيها إلى الأبد ، ولكّن مصيرَه ورفقاءه لا يزال مجهولا حتى الآن .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

الكاتب الصحفي والإعلامي محمد مصطفى شردي يقدم برنامج “كل يوم” على شاشة “ON” الأربعاء المقبل

كتب ابراهيم احمد يبدأ الكاتب الصحفي والإعلامي، محمد مصطفى شردي، رحلة إعلامية جديدة خلال الأيام …