استحسان الرداءة وتجارة الكذب .. شعار مسلسلات وإعلانات رمضان

مقال بقلم : د . مختار القاضي

بعد إعلان ابن الجيران وعضلاته وملابسه الداخلية ، وإعجاب البنت المغنية به ، ثم إلغاء الإعلان لأنه فعلا غير لائق بأي حال من الأحوال ، ظهر إعلان آخر محترم وبلا تجاوزات وانتهى الأمر . ثم مالبث أن ظهر إعلان جديد عن نوع من الشاي والذي لم يسمع عنه أحد من قبل ، وهو شاي الكبوس ، ويتم نطقها في الإعلان “كابوس” ، أي أنه شاي كابوس ، وهو اسم سخيف وغير مريح ويصلح كنوع من أنواع المخدرات التي تباع للشباب المدمن .. من أين تفتق ذهن هذا العبقري الفذ عن هذا الاسم الممسوخ ليصبح اسما لشراب يدخل جميع البيوت المصرية ؟! ألم يكن هناك اسم أفضل ؟ أم إنه زمن استحسان الرداءة في التليفزيون المصري على القنوات الفضائية ؟! .

أما المسلسلات هذا العام في رمضان ، فهي سباق من الأجمل ومن الأروع والأكثر حضورا وجاذبية ، كما تتفانى كل ممثلة في إظهار ما قامت به من عمليات تجميل ، مثل شفط الدهون ونفخ الشفتين والخدود والأرداف ، بحيث تظهر في أبهى صورة . أما الشباب من الممثلين ، فلا أعرف من أي مكان أتوا بهم ؟! ومن أي معهد تخرجوا ؟! فهيئتهم غريبة جدا ، ولهم لحي طويلة سوداء داكنة ، شكلها غير أنيق على الإطلاق ، وتظهر وجوههم وكأنهم مرضى بالأنيميا !
ألفاظهم غريبة وردودهم سخيفة بفعل السيناريوهات الرديئة ، وبالتالي فقد افتقدوا إلى جمال الشكل وحسن المنطق في الحديث .

مظاهر الثراء والترف التي طغت على غالبية هذه المسلسلات أصبحت تثير حفيظة الفقراء الذين يعانون الأمرين في ظل تفشي فيروس كورونا القاتل ، وضيق ذات اليد وقلة فرص العمل ، وازدياد معدلات الفقر . ظهر أيضا في مسلسلات رمضان عدم وضوح الهدف الحقيقي منها ، وتدني مستوى الدراما وغياب قصص العظماء من الأطباء والمفكرين وأبطال الحروب ، باستثناء طبعا مسلسل “الاختيار” الذي يدعو إلى حب الوطن والتفاني في خدمته حتى الرمق الأخير .

المسلسلات تضمنت سباق بين الممثلات في الماكياج والملابس الغالية بأنواعها ، وكذلك السيارات الفارهة والفيلات الفخمة في وسط مجتمع يغرق غالبيتهم في بئر الفقر ؛ لذلك فهي لم تقدم حلا لمشكلة ، ولم تقدم جديدا إلا في الموضة وعمليات التجميل والرداءة في الذوق والمظهر العام ، هذا بالإضافة إلى التدخين وتعاطي المخدرات ، وتناول الشيشة والمشروبات الروحية والرقص والهزل والعري ، في وقت يعيش فيه الشعب المصري كله حالة من الحزن والأسى على شهداء سيناء الأبطال من العسكريين والمدنيين الذين لقوا ربهم في شهر رمضان المبارك ؛ ليضربوا المثل الأعلى والقدوة في البطولة والفداء .

في الحقيقة ، القنوات الفضائية تعمل على تغييب وعي الشعوب بإلهائهم بعيدا عن قضايا الأوطان ، من حروب وصراعات وقتل وتهجير وطمس هوية ولاجئين ودمار شامل في منطقتنا العربية تشيب فيه الولدان ؛ لتتحول هذه المآسي إلى ملهى ليلي ليس فيه إلا الرقص والموسيقى والمخدرات والإسفاف في كل شيء ؛ ليظهر لنا أخيرا وكأنه من عالم آخر ليس من عالمنا العربي البشع الذي نعيش فيه يوميا كافة المآسي ، وآخرها جائحة كورونا التي لا يعلم أحد حتى الآن إلى أين ستأخذنا وكم ستقتل منا ؟!

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

خالد صلاح يخوض تجربة الكتابة التلفزيونية بمسلسل “سيد الناس” مع عمرو سعد ومحمد سامى رمضان 2025

  يخوض الكاتب الصحفى الكبير خالد صلاح تجربة الكتابة التلفزيونية، خلال موسم رمضان 2025 بمسلسل …