الأسباب الحقيقية وراء عظمة وروعة الحضارة المصرية القديمة

مقال بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة لغوية : جيهان الجارحي

الحضارة المصرية القديمة هي أعظم حضارة في تاريخ البشرية على الإطلاق . كلمات نسمعها كثيرا ، ولكن هل هذه الكلمات حقيقية ؟ وما أسباب هذه الروعة والعظمة دون غيرها من الحضارات ، مثل البابلية والآشورية واليونانية والرومانية وغيرها من الحضارات الأخرى ؟!
الحضارة المصرية لها سمات خاصة جدا ، ففي الفن كانت دقيقة جدا من خلال النقوش البارزة والغائرة برسوماتها المنسقة والمنتظمة ، وفي النحت كانت العظمة في التماثيل الفخمة والمسلات الضخمة التي يزين بعضها عدد كبير من عواصم العالم الحديث ، مثل ميدان الكونكورد في باريس ، والتي طالت أقسى وأقوى الأحجار التي تعامل معها النحاتون المصريون القدماء بكل إتقان ، فكانت النتائج أكثر من رائعة  .

 

ولعل المسلات المصرية القديمة وطريقة نحتها سر لا يعرفه أحد حتى الآن . عظمة الحضارة المصرية أيضا جعلت جميع دول العالم تتهافت عليها ، فلا نجد متحفا في كافة الدول العظمى يخلو من قاعة أو اثنتين أو أكثر للآثار المصرية القديمة . تتجلى عظمة الحضارة المصرية كذلك في ريادتها في كافة العلوم ، مثل الطب والهندسة والكيمياء والعمارة ، وكذلك الفنون ، مثل الرسم والنحت والتصوير والنقش البارز والغائر ، واستخدام ألوان طبيعية تمكنت من الصمود لآلاف السنين أمام العوامل الطبيعية القاسية ، مثل الرياح والأمطار والحرارة والرطوبة وغيرها من العوامل .

 

تتجلى عظمة الحضارة المصرية أيضا في علم التحنيط ، حيث تمكن المحنطون المصريون القدماء من استخدام مواد كيميائية وأملاح ونباتات عطرية وشموع وأقمشة وراتنجات جعلت جثة المتوفى تصمد آلاف السنين دون أن تذوب وتتحلل وتفنى ؛ وذلك حتى تصل إلى العالم الآخر وتسكن فيها الروح تارة أخرى ليحيا المتوفى في نعيم دائم أبدي لاينقطع .

ومن ضمن أسباب عظمة الحضارة المصرية أيضا ، هو احتواؤها على عجيبتين من عجائب الدنيا السبع القديمة ، وهي منارة الإسكندرية التي انهارت منذ وقت غير معلوم ، وهرم خوفو الذي يعتبر العجيبة الوحيدة الصامدة منذ القدم ، شاهدة على عظمة المهندسين المصريين ومدى براعتهم ، بل وعظمتهم التي أنتجت هذا المبنى الفخم الذي وقف متحديا الزمان والمكان ، فلم ينهر ولم يستسلم لعوامل التعرية والزلازل التي طالما دمرت حضارات بأكملها . تتجلى كذلك عظمة الحضارة المصرية في أنها أول من اكتشفت الكتابة ، وأول من صاغت الدساتير والقوانين التي كانت أساسا لعلوم القانون في بلدان وحضارات شتى .

 

لعل قيمة الحضارة المصرية القديمة وروعتها تتجلى في البرديات الطبية والتماثيل الضخمة وكذلك الصغيرة ، ومدى الاتقان في نحتها بما فيها الصخور القوية ، مثل البازلت والشيست والنيس والجرانيت التي صاغ منها المصري القديم أيضا المقابر والمعابد والمباني الفخمة ، هذا بالإضافة إلى تقدم هذه الحضارة في علوم الفلك والنجوم بفارق زمني كبير بينها وبين الحضارات الأخرى . تجلت عظمة الحضارة المصرية أيضا في الزراعة والصناعة ، حيث تمكن المصري القديم من الاستفادة بماء النيل وزراعة الكثير من المحاصيل بمواسم ودورة زراعية معروفة ومدروسة للغاية .

تمكن المصري القديم كذلك من صناعة الأسلحة ، وتطويع الأخشاب والمعادن في صناعة السيوف والنبال والعجلات الحربية ، وغيرها من الأسلحة المختلفة التي تمكن بها الجيش المصري من حماية حدوده وتحقيق النصر على الأعداء .

خلف المصري القديم كما هائلا من المخزون الثقافي والحضاري ، والذي وصل إلى ثلثي آثار العالم ، فلا تخلو مدينة في مصر من آثار ما قبل التاريخ ، أي ما قبل اكتشاف الكتابة ، بالإضافة إلى العصور الفرعونية فاليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية ، التي فاقت في روعتها وجمالها كافة ما خلفته الحضارات الأخرى .

 

كان المصري القديم متدينا ، فانعكس تدينه على الفن والأدب والشعر ، وعلى حضارته بالكامل ، فكانت الأهرامات والمقابر والتوابيت وكتاب الموتى التي تمثل الحساب والعقاب في العالم الآخر ، وصور الآلهة أو المقدسات الدينية المختلفة غاية في الجمال والروعة . تمثلت عظمة الحضارة المصرية أيضا في تحنيط الحيوانات المقدسة ، وإنشاء البولوزيوم أو المكان المخصص لتحنيط الأبقار المقدسة التي تمثل الآلهة حتحور ، آلهة الخصوبة والأمومة ، والتي تحوي التوابيت الضخمة التي لا يعرف أحد حتى الآن كيف تم نقلها ؟! وكيف تم نحتها بهذه الدقة البالغة؟!

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

قصي خولي في “كاربول كاريوكي”: العائلة مهمة في حياتي

كتب ابراهيم احمد حضور جماهيري لافت يحظى به الفنان السوري قصي خولي الذي تمكن من …