بقلم : د. مختار القاضي
مراجعة : جيهان الجارحي
تقوم بعض الدول بالتجسس على السفارات الموجودة على أراضيها أو العكس ، ومن وجهة نظر القانون الدولي ، فإن هذا الفعل يمثل جريمة يُعاقَب عليها في حال ثبوتها .
من حيث المبدأ ، وحسب اتفاقية ڤيينا لعام 1961م ، التي نصت على عدم جواز التجسس على السفارات ، كما لا يجوز أيضا للدولة صاحبة السفارة التجسس على الدولة صاحبة السيادة أو الدولة المُضيفة .
تحدث عمليات التجسس خارج نطاق القانون الدولي ، ويمكن إثباته بشتى الطرق ، أو في حالة توافر الأدلة الدامغة على ارتكاب هذا الجُرم . في حالة ثبوت أن دولة ما تقوم بالتجسس على دولة أخرى ، عن طريق سفارتها الواقعة على أراضيها ، فإنه يحق لهذه الدولة المعتمد لديها المبعوث الدبلوماسي ، أن تقوم بالإعلان عن كون هذا المبعوث شخص غير مرغوب فيه ، كما يمكن أن تقوم بسحب السفير ، واتخاذ إجراءات أخرى قد تصل إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية ، وحتى قرار الحرب .
هناك نصوص قانونية تنظم العمل الدبلوماسي في حالة التجسس ، أو خروج البعثة الدبلوماسية عن مهامها الوظيفية ، طبقا لاتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية ، وبالتالي فإن هذه المشكلات يمكن حلها طبقا للقانون الدولي واتفاقية ڤيينا . تقوم الدولة المضيفة بتسهيل مهمة البعثات الدبلوماسية ، كما تمنح الامتيازات والحصانات لهذه البعثات ، وكذلك حمايتها ، ولا يجوز لها أن تقوم بالتجسس عليها ، أو ارتكاب أية مخالفة للقانون الدولي الذي يحظر التجسس على السفارات .
تنعقد المسئولية الجنائية على مَن يرتكب جريمة التجسس على السفارات ، في حال ثبوت ارتكاب هذه الجريمة ، ويعاقب عليها القانون الدولي بحكم كونها مخالفة للأعراف والقانون الدبلوماسي .
هناك أيضا مسئولية تتحملها الدولة ، من خلال إجراءات يمكن اتخاذها بالوسائل السلمية ، عن طريق التفاوض والتوفيق والمساعي الحميدة لحل الأزمات الناتجة عن كشف حالات التجسس على السفارات .
يمكن كذلك للدولة التي تم التجسس عليها اللجوء إلى القضاء في حال ثبوت واقعة التجسس ، إما عن طريق إجراء تحقيق دولي أو عن طريق القضاء الدولي ، متمثلا في محكمة العدل الدولية ، استنادًا إلى النصوص القانونية التي تُجرِّم التجسس على السفارات ، ويمكن عقب ثبوت الضرر أن تطالب الدولة صاحبة الحق بتعويض مادي كبير عما أصابها من أضرار جرَّاء التجسس عليها .