التعايش مع كورونا

كتبت : جيهان الجارحي

أعلنت الحكومة أنه ابتداء من أول يونيو القادم ستدخل مصر في مرحلة التعايش مع كورونا ، وهذا يعني بعض التغيرات في عاداتنا ونمط معيشتنا بما يتناسب مع الوضع الوبائي الحالي . إن ذلك بالنسبة للمصريين سيحتاج إلى التركيز والانتباه في كل ما نفعله ؛ لأننا في حياتنا العادية تعودنا على التعامل بطريقة تعد الآن من أخطر ما يكون في عصر الوباء . لابد وأن نمتنع عن المصافحة باليد ، وكذلك الأحضان والقبلات ، لا مناص أن نتعود على المحادثة عن بعد ولا نقترب ممن نحدثه إطلاقاً. والأهم من ذلك ، لابد من التعود على ارتداء الكمامة وذلك حفاظاً على الآخر ، فمن يرتدي الكمامة يحافظ على كل من يقابله من الرذاذ الناتج عن كلامه أو سعاله أو عطسه في الدرجة الأولى ، ويحمي نفسه ممن حوله في الدرجة الثانية ؛ ولذلك سيعتبر من لا يرتدي الكمامة أنه يهين كل من حوله بعدم الاهتمام بصحتهم ووقايتهم من الإصابة بالمرض .

سيتغير نمط وأسلوب الحياة كلية ؛ لأنه لابد من وجود مسافات بين الناس لتجنب حدوث تكدس آدمي في أي مكان ، وبالتالي مقاومة العدوى . نحن دولة مزدحمة بالبشر ، وخصوصاً في المدن الكبرى ، وهذا يعني أنه لابد من عمل شيئين ، الأول يمكن تنفيذه الآن ، والآخر يحتاج إلى بعض الوقت . الأول هو تخفيف التكدس البشري في أماكن العمل أو الخدمات ، مثل المطاعم والمكاتب والعيادات والمواصلات والمؤسسات الحكومية أو المحلية ، ويمكن عمل ذلك بتنظيم دورات العمل . من الضروري تجنب تكدس البشر في عمل واحد ، مثل وجود عشرة موظفين في حجرة واحدة ، بينما يقوم بالعمل الفعلي ثلاثة منهم فقط ؛ لذلك لابد من تنظيم العمل بحيث لا يوجد إلا ثلاثة موظفين من العشرة الأصليين في أي وقت ، فيكون العمل على أساس يوم أو يومين في الأسبوع لكل فرد ، لكن العمل منتظم ، ففي كل يوم يكمل الموظف أعمال زميله من اليوم السابق ، وبتقليل عدد العمالة إلى الثلث سيخف الضغط على المواصلات إلى ثلث العدد الأصلي ، وبالتجربة العملية سيتم العمل على نحو أفضل وأسرع وأدق ، بشرط مراعاة الضمير في قيام كل موظف بعمله . وعندئذ سيتضح عمل كل فرد ويمكن تقييمه بشكل عادل . سيعمل الفرد يومين في الأسبوع لو قسم العمل بهذه الطريقة .

أما الشيء الثاني الذي يتطلب وقت لتنفيذه ، فهو محاولة توزيع الكثافة السكانية إلى مدن جديدة في أماكن متفرقة خارج الحزام الضيق الذي نعيش فيه حاليًا ليمتد إلى سيناء لتعميرها ويمتد كذلك إلى الصحراء .
في ذات الوقت سيكون هناك تركيز أكبر على التعاملات عن بعد في إنجاز كل أنواع الخدمات ، فبعد أن تعودنا على التعامل مع الهواتف الذكية والدخول على السوشال ميديا ، علينا التعود على الدخول على النت واستخدام البرامج الخاصة بالدفع أو طلب المعلومات أو إنجاز الخدمات عبر الإنترنت وعن بعد . مثلاً لدي عداد كهرباء سابق الشحن ، فبدلا من الذهاب لمكتب الكهرباء لشحنه يمكنني عبر تطبيق على المحمول أن اشحن الكارت وأدفع عن طريق كارت الائتمان دون حتى القيام من مكاني في البيت . لقد اتضح ذلك في إعلان على التلفاز يتحدث عن هذه الخدمة من مقدم خدمة المحمول “we” ، فيمكن الدفع من البيت ، ومن المؤكد أن هناك خدمات مماثلة من باقي خدمات المحمول . صحيح أن ذلك سيمثل عناءا لكبار السن الذين لم يمارسوا التعامل مع هذه الأدوات ، لكن علينا جميعاً أن نجتهد ونحاول التعلم ؛ حتى نوفر على أنفسنا عناء الذهاب لقضاء مهمة من الممكن إنجازها عبر المحمول أو الكمبيوتر .

لا شك أن كل ذلك سيقلل من الاحتكاك الشخصي بين الأفراد وبعضهم البعض ، وهذا سيكون صعب جداً بالنسبة للمصريين المعروف عنهم بأنهم شعب عاطفي ويعتاد الصحبة والاختلاط المجتمعي ، ولكن ذلك لا يعني عدم الاختلاط إطلاقاً ، فيمكن التفاعل المجتمعي مع مراعاة المعايير الوقائية . لو العدد أكثر من عشرة أفراد مثلا يكون اللقاء في الهواء الطلق والجلوس عن بعد بمسافات كافية ، وسنتمكن بذلك من مقابلة الأهل والأصدقاء دون تعرض أي منا إلى مخاطر العدوى .

لابد من الحذر في التعامل مع كبار السن ؛ لأنهم الفئة الأكثر عرضة للعدوى ، فعادة كبار السن يكون لديهم مشاكل صحية مزمنة مثل السكر أو الضغط المرتفع أو مشاكل في القلب أو الرئة أو الكلى أو الكبد أو الأوعية الدموية ، وبالتالي تكون مناعتهم الطبيعية ضعيفة ؛ لذلك لابد من الحذر الشديد في التعامل معهم والحفاظ عليهم ، ولابد من تفادي التقارب منهم وممنوع تمامًا الأحضان والقبلات. وعلى الرغم من كون التلامس من أهم التعبيرات المحسوسة التي توصل المشاعر الدافئة ، إلا أنه في حالة وباء سريع الانتشار وقاتل مثل كورونا ، لابد من عدم اللمس الذي قد يشعر كبار السن بالوحدة ، ولكن ذلك من أجل الحفاظ عليهم .

ولتنظيم عدم تكدس المرور ، يمكن تنظيم السماح للسيارات ذات الأرقام الفردية بالخروج في أيام بعينها ، وذات الأرقام الزوجية بالخروج في الأيام الأخرى ، وبذلك ينخفض عدد السيارات إلى النصف .
لابد من توافر كل أدوات النظافة الشخصية من صابون ومناديل ورق في كل مكان عام ، أو الكحول أو منظف الأيدي ؛ وذلك لدوام التطهير وتجديد الوقاية ، وقد بدأت بالفعل بعض الأماكن العامة مثل السوبرماركت تحمي العاملين بها بطرق مبتكرة ، فوجدت أنه من الضروري وضع لوح زجاجي كثيف أمام الكاشير كي يحميه من المشترين عند الحساب . والآن نجد العاملين في مساعدة الكاشير يرتدون الكمامات وفوقها أيضاً الدرع الزجاجي على الوجه زيادة في الوقاية ، وبدأت كل هذه الأماكن الخدمية مثل السوبرماركت والبنوك والمكاتب الحكومية تلزم المتعاملين معها بارتداء الكمامة حماية للجميع .

يبدو أننا قد وصلنا الى الذروة في هذه الموجة من الفيروس ؛ لأنه بعد بلوغ الإصابات اليومية إلى نحو ٥٠٠ إصابة ، واستمرت كذلك حوالي ٣ أيام ، ثم بدأت تنخفض الإصابات اليومية إلى حوالي ٣٥٠ ، ولو استمرت في هذا الاتجاه سنتمكن من السيطرة على انتشار الفيروس . المشكلة أننا نقترب من عيد الفطر ، وكما الحال في رمضان عندما لم يتخل الشعب عن عاداته فزادت عدد الإصابات اليومية زيادة ملحوظة . الآن ومع قدوم العيد ، إن لم تتخذ الحكومة الإجراءات المشددة مثلما فعلت في شم النسيم ، قد تعود أعداد الإصابات اليومية إلى الارتفاع مرة أخرى وتمتد فترة الحظر داخل البيت وتزيد الأزمة المادية سوءا

كتب الدكتور فهيم يونس ، رئيس قسم الأمراض المعدية في جامعة ماريلاند في أمريكا بعضا من التغريدات تساعدنا في التعايش مع كورونا في الفترة القادمة والتي قد تطول إلى عدة أشهر وإليكم ترجمة لهذه التغريدات :

١- سنتعايش مع “كوفيد ١٩” لأشهر ، دعونا لا ننكر ذلك أو نصاب بهلع ، ولا نجعل الحياة مستحيلة. لنتعلم أن نعيش حياة سعيدة مع هذا الواقع .
٢- لن تخف وطأة الفيروس في الصيف . إنه صيف الآن في البرازيل والأرچنتين ، ولكن الفيروس ينتشر بسرعة.
٣- لايمكن القضاء على كوفيد ١٩ – متى تخلل الخلية – بشرب الكثير من الماء ، لكنك ستذهب كثيراً للحمام .
٤- غسل الأيدي والتباعد لمسافة ١،٨ متر أفضل وسيلة للحماية من الفيروس . لو لم يوجد مريض بكوفيد ١٩ في البيت ، فلا ضرورة لتطهير المسطحات في البيت .
٥- الطرود أو محطات البنزين أو عربات التسوق أو ماكينات الصرافة لا تعمل على نشر العدوى . اغسل يديك وعش حياتك كالمعتاد .
٦- لا تنتقل عدوى “كوفيد ١٩” عبر الأكل ، هو يتصل بالرذاذ المعدي كما في الأنفلونزا. لا يوجد أي دليل على أنه ينتقل عبر طلب الأكل .
٧- الدخول إلى الساونا (حمام البخار) لا يقتل الكوفيد ١٩ متى كان قد تخلل الخلية .
٨- يمكنك فقدان حاسة الشم جراء حساسية أو عدوى فيروسية ، ولكن هذا العرض ليس مختص بكوفيد١٩.
٩- عند عودتك للمنزل لا يتحتم تغيير الملابس وأخد الدش في الحال . النظافة من الإيمان فلا تجعلها مرضية.
١٠- فيروس كوفيد ١٩ لا يعلق في الجو ، هذه عدوى من الرذاذ تحتاج الى الاقتراب . الجو نظيف فيمكنك التنزه في الحدائق أو في الهواء الطلق ، مع الإبقاء على التباعد .

١١- لا يفرق كوفيد ١٩ بين العرق أو الديانة فهو يصيب الجميع
١٢- استخدام الصابون العادي يكفي ولا يحتاج كوفيد ١٩ لصابون ضد البكتيريا ؛ لأن الفيروس ليس كالبكتيريا.
١٣-لا تقلق من طلبات الأكل ، ولكن لو أردت يمكن تسخينها في الميكرويف .
١٤- احتمالية جلب كوفيد ١٩ للبيت في الحذاء والإصابة بالفيروس هي نفس احتمالية أنك تضرب بالبرق مرتين في يوم واحد . لقد عملت ضد الفيروسات لمدة ٢٠ عاما ، العدوى تنتشر من الرذاذ ولا تنتشر بهذه الطريقة.
١٥- لا يمكنك الحماية من الفيروس بشرب أو اكل الخل أو السمّاء أو الصودا أو الزنجبيل.
١٦- ارتداء القفاز (الجوانتي) ليس بالفكرة الجيدة ؛ لأنه يمكن للفيروس أن يتراكم عليه ويمكنه الانتقال إلى وجهك باللمس . أفضل سلوك هو غسيل الأيدي .
نعم ، هناك تغيرات ستطرأ على حياتنا في فترة التعايش مع كورونا. وكلما علمنا أكثر عن هذا الفيروس ، تغير أسلوب حياتنا ليتماشى مع الوقاية من هذا الفيروس اللعين . وحتى يوجد العلاج الشافي سنضطر للتأقلم مع هذا النمط الغريب من الحياة !
حفظ الله العالم من الهلاك .

Related Posts

الف مبروك للعروسين محمود وهيب وتغريد عبدالباسط… افراح عائلات البسطويسى بالدقهليه

  الف مبروك للعروسين محمود وهيب وتغريد عبدالباسط… افراح عائلات البسطويسى بالدقهليه فى حفل بهيج ضم الاهل والأصدقاء والاحباب تم عقد قران الاستاذ / محمود وهيب البسطويسى والانسه / تغريد…

الربان وسام هركي : يفتح ملف حياة كريمة في خارج الصندوق

You Missed

الربان وسام هركي :  إنقلب السحر علي الساحر

الربان وسام هركي :  إنقلب السحر علي الساحر

الي من يهمه الأمر..  تقاعس حي السلام في تنفيذ قرارات ازاله مخالفة

الي من يهمه الأمر..  تقاعس حي السلام في تنفيذ قرارات ازاله مخالفة

الشيخ سلطان بن خليفة بن شخبوط يكرم مجموعة يلا خلال فعاليات مؤتمر المطورين في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا 2024

الشيخ سلطان بن خليفة بن شخبوط يكرم مجموعة يلا خلال فعاليات مؤتمر المطورين في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا 2024

الإعلامية عائشة الرشيد : الرئيس الامريكي دونالد ترامب شعاره إسرائيل قبل كل شيء

الإعلامية عائشة الرشيد : الرئيس الامريكي دونالد ترامب شعاره إسرائيل قبل كل شيء

الإعلامية عائشة الرشيد : إنتقام ألمانيا وفرنسا من روسيا

الإعلامية عائشة الرشيد : إنتقام ألمانيا وفرنسا من روسيا

الإعلامية عائشة الرشيد : الإمارات دولة رائدة في الذكاء الاصطناعي

الإعلامية عائشة الرشيد : الإمارات دولة رائدة في الذكاء الاصطناعي