الدكتور أشرف عطية.. يكتب / الذكاء الاصطناعي والعمل السياسي

 

مع التقدم الكبير في إستخدام تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي ، الذي طال كل جوانب الحياة لكل المجالات والتي شهدت تطبيقات تتسم بالعمق والشمولية والانجاز والسرعة بشكل لم يسبق له مثيل وخاصة في مجالات الأعمال والادارة والصحة والدواء والتعليم والزراعة والصناعة والأمن والسلاح وتقريبا كل مجالات الحياة .
وفي هذا المضمار ومن خلال السباق الكبير لشركات تكنولوجيا المعلومات المختلفة والتي تسعى للسيادة والاستحواذ على أكبر شريحة تسويقية ، تم حديثا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل السياسي .
ومن هنا يطرأ في الأذهان كيف يتم إستخدام الذكاء الاصطناعي في دعم السياسيين ويقوم بتعزيز صنع القرار لخلق بيئة ومشهد سياسي أكثر تفاعلا وشمولية من أجل تحقيق واستجابة لتطلعات المواطنين .
والجدير بالذكر أن معظم دول العالم الان أدركت أن البيانات والمعلومات هي أهم محور لقوة الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، فقامت بتخصيص ميزانيات كبيرة لإنشاء مراكز البيانات الضخمة وتأمينها بأقوى أدوات الامن السيبراني والمعلوماتي وتجهيز البيئة التشغلية والكوادر البشرية التي تقوم على التشغيل والصيانة والمساندة الفنية والادارية .
وتلعب البيانات الضخمة المتوفرة لكل دولة الى المساهمة في استخلاص مؤشرات ودلائل تساعد على صنع القرارات الصائبة بدلا من العشوائية في اتخاذ القرارات الانفعالية أو الحماسية والتي يكون مآلها الفشل والنتائج الغير محمودة .
والعمل السياسي دائما مرتبط إرتباط وثيق بالاقتصاد ، وأهم مباديء الاقتصاد هو إستخدام موارد الدولة المختلفة أفضل إستخدام ممكن لتعظيم الفوائد المجتمعية ، وهذا العنصر أحد أهم المسئوليات الرئيسية للسياسيين .، ويظهر دور الذكاء الاصطناعي في تحسين تخصيص الموارد بناء على عوامل مختلفة مثل الديموجرافيا ( التركيبة السكانية ) والمؤشرات السكانية والمتطلبات الهامة للبنية التحتية والتنمية الوطنية بحكمة وكفاءة عالية .
وتلعب النماذج التنبؤية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي دور كبير وأساسي واسترشادي للسياسيين في تحديد المجالات الاستثمارية ، وتحديد أولويات المبادرات وفقا لمتطلبات وتطلعات المواطنين ، كما تقوم تلك النماذج بتحسين مخصصات الميزانية آخذة في الاعتبار عوامل متعددة منها على سبيل المثال ( الأولويات – العائد على الاستثمار – رفع المستوى العلمي والصحي للمجتمع والتنمية الشاملة المستدامة ) ، الأمر الذي يحقق الاستخدام الأمثل والفعال لموارد الدولة وبالتالي تتحسن النتائج للآداء الحكومي والسياسي بشكل أفضل وبناء عليه تزداد ثقة المواطنين في الآداء الحكومي والسياسي والنظام الحاكم .
وبمناسبة قرب إنتخابات المجالس النيابية والتشريعية والتعامل مع الناخبين والذي يمثل ركن مهم في الهرم السياسي ، فإن الذكاء الاصطناعي يقوم بدور كبير بل وثورة في هذه العملية من خلال تسهيل قنوات الاتصال والتفاعل مع الناخبين والمواطنين .
وباستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة يستطيع السياسيون اللجوء الى التطبيقات والخوارزميات لمعالجة وتحليل وتصنيف البيانات الضخمة الناتجة من ردود أفعال المواطنين بكل طبقاتهم الثقافية والاجتماعية والمهنية ، وبذلك يتمكن السياسيين من إكتساب مفاهيم أكثر عمقا والتعرف بشكل أكثر دقة لتطلعات والاهتمامات العامة للمواطنين .
وسيتغلب الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة على مشكلة التحيزات البشرية المقصودة والغير مقصودة على القرارات السياسية والتي تنتهك مباديء العدالة والمساواة .
والجدير بالذكر أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورا كبيرا في ممارسة وإجراء العمليات الإنتخابية والتي تتسم بالديموقراطية والشفافية من خلال نماذج التنبؤ التي تساعد على إعادة تقسيم الدوائر وفقا لمصالح المواطنين والتنمية الشاملة المستدامة للدولة والديموجرافيا وأيضا المراجعات الآلية لتمويل الحملات الانتخابية .
وفي الأجزاء القادمة إن شاء الله نكتب بشكل أكثر تفصيلا عن دور الذكاء الاصطناعي في التسويق السياسي ومفهوم أركان الدولة وفقا للمتعارف عليه في نظريات العلوم السياسية .
وللحديث بقية …………

خالص تحياتي
د/ أشرف عطية