جرائم غسيل الأموال وأخطارها على اقتصاديات الدول

مقال بقلم : د . مختار القاضي

جريمة غسيل الأموال من أبرز الجرائم التي تؤثر سلبا على اقتصاديات الدول لما لها من أضرار كبيرة ، أهمها زيادة معدلات التضخم . تنتج الأموال القذرة من تجارة السلاح والمخدرات والدعارة والرشاوى والجاسوسية والبلطجة ، حيث يحقق أصحابها ملايين الجنيهات ويربحون أرباحا خيالية . يلجأ المجرمون من أصحاب التجارة المحرمة التي ينتج عنها أموال قذرة في سبيل غسيل هذه الأموال إلى عدة طرق لإعادة تدويرها من أموال مصادرها قذرة أو تجارة محرمة إلى أموال مشروعة ليس عليها أي غبار .

من أهم طرق غسيل الأموال ، هو أن يتم وضعها في بنوك لا تسأل عن مصادر هذه الأموال ، مثل بنوك سويسرا وسنغافورة . يمكن كذلك غسل هذه الأموال عن طريق الشراكة مع مشروع قائم بالفعل والمبالغة في الأرباح ، مع إعطاء نسبة من هذه الأموال لصاحب المشروع . يمكن أيضا غسيل هذه الأموال بعمل مشروع قائم بالفعل ، مثل تجارة الأنتيكات على سبيل المثال والمبالغة في الربح ؛ لذلك قد نجد الكثير من هذه المشروعات قليلة العملاء وكبيرة الأرباح وقلما نجد فيها عميلا واحدا ، ولكنها قائمة رغم خلوها من الزبائن أو كثرة العملاء ، وكل ما فعله صاحب الأموال المراد غسيلها هو وضع الأموال في إطار مشروع بحيث أنه في حال السؤال عنها يكون قد تم وضعها في إطار شرعي .

هناك طريقة أخرى لغسيل الأموال ، ألا وهي وضع الأموال المراد غسيلها في عدة بنوك بدلا من بنك واحد وإعادة تدويرها أو تحويلها أولا بأول إلى بنوك متعددة تحقق أرباح منها ، وغالبا ما تكون تلك البنوك في دول أخرى . يلجأ تجار المخدرات والسلاح وتجار الأعضاء والرقيق الأبيض أو الدعارة إلى غسيل أموالهم بحيث لايقعون تحت طائلة القانون في حال وصول معلومات إلى أي جهة رقابية تفيد ورود هذه الأموال من مصادر غير مشروعة ، والذي يعرضهم في هذه الحالة لعقوبات جنائية تصل إلى السجن لعدة سنوات وقد يتم مصادرة هذه الأموال . الغريب أن بعض تجار المخدرات كانوا يلجأون إلى غسل أموالهم بالفعل باستخدام الماء مع محلول مطهر حتى تختفي رائحة المخدرات من عليها ، ثم تجفيفها وفردها باستخدام مكواه ساخنة ، وذلك قبل غسلها وإعادة تدويرها ، وقد فعل ذلك تاجر المخدرات الكولومبي الشهير “بابلو إسكوبار” الذي كان يخفي أمواله القذرة في مشروع لتاكسيات الأجرة الذي كان يحقق أرباحا خيالية دفتريا على عكس الواقع .

من أهم أخطار الأموال القذرة هو إمكانية استخدامها في ارتكاب جرائم إرهابية أو عصابات الجريمة المنظمة وتمويل هذه الجرائم ، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر بحيث يتم عن طريقها تدبير اغتيالات سياسية أو قتل المعارضين أو ضرب السياحة أو استهداف المنشآت الحيوية في دولة ما وتدميرها . يمكن غسيل هذه الأموال أيضا عن طريق تحويلها من العملة المحلية إلى عملة صعبة مثل الدولار الأمريكي أو الجنيه الإسترليني وإيداع هذه المبالغ في بنوك أجنبية لديها سرية كبيرة في الحسابات الخاصة بعملائها ، وهي بنوك لا تسأل عن مصادر الأموال وذلك تحت أى مسمى ، مثل العمل كمستشار مالي لأي شركة في دولة ما ، بحيث تقوم هذه الدولة بإيداع عمولتك الناتجة عن عملك كمستشار في حساباتك البنكية ، ولكن هذه الطريقة تزداد صعوبة وتعقيدا كل فترة بسبب تعاون الدول مع بعضها البعض في سببل مكافحة جريمة غسيل الأموال .

تتأثر الدول بجريمة غسيل الأموال بسبب خروج الكثير من أموالها إلى الخارج وعدم الاستفادة منها وهي كارثة ، حيث ستخسر الدولة بسبب تهريب رصيد كبير من العملات الأجنبية للخارج . كذلك سيصبح للنظام المالي للدولة كمية مبالغ أكبر بكثير من حجم مشروعاتها الفعلية وكثرة السيولة ، وبالتالي حدوث التضخم وانهيار قيمة العملة المحلية . من أضرار جرائم غسيل الأموال أيضا ذهاب هذه الأموال إلى مجرمين أو إنفاقها في صورة رشاوي لموظفين عموميين ، كذلك امتناع الدول عن الاستثمار في دول أخرى ترتفع بها نسب جرائم غسيل الأموال ، وعدم وجود طرق محاسبية ورقابية دقيقة للسيطرة على تجار المخدرات والسلاح وغيرهم فيما يسمى بالاقتصاد الخفي أو الموارى .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

قصي خولي في “كاربول كاريوكي”: العائلة مهمة في حياتي

كتب ابراهيم احمد حضور جماهيري لافت يحظى به الفنان السوري قصي خولي الذي تمكن من …