مقال بقلم : د. مختار القاضي
مراجعة : جيهان الجارحي
الربع الخالي أو الربع الخراب ، وهي أكبر منطقة صحراوية في العالم ، كانت في الأصل جنة خضراء ، تسري فيها الأنهار وتضج بالحياة ، ولكن حدثا كبيرا دمّر هذه المدينة التي تقع أسفل الربع الخالي ، وهي مدينة عُبار الأثرية القديمة ، وهذا الحدث تمكن من تغيير مصير قوم فاحشي الثراء ، كانوا يسكنون هذه المدينة . اكتشافات جديدة تمت في صحراء الربع الخالي ، تؤكد أنها كانت أرضا زراعية يعيش عليها أغنى سكان الأرض ، ومنها مسطحات جيرية بيضاء ، كما أن غنى هذه الدول بالنفط دليل كبير على ذلك . تم الكشف في هذه الصحراء عن الكثير من الشواهد الأثرية التي تؤكد وجود حياة بها منذ قديم الزمان ، حيث اُكتُشف فيها بقايا عظام لأفراس النهر التي لا تعيش إلا في الأنهار وعلى ضفافها ، كما عُثر فيها على بقايا حيوانات أليفة ، وأواني فخارية ملونة ، وبقايا حيوانية وآدمية ، وأدوات تُستخدم في الحياة اليومية لسكانها ؛ ولهذا فإن هذه الصحراء الأخطر في العالم تُخفي تحتها اللغز الأخطر في التاريخ .
اعتقد البعض أن هذه المدينة التي تقع تحت صحراء الربع الخالي هي مدينة إرَم ذات العِماد ، التي أُنشِئَت قبل مدينة عبار بمئات السنين ولكن الحقيقة أنها مدينة عبار الأثرية ، والتي صورتها وكالة ناسا الأمريكية الخاصة بالفضاء ، وأكدت وجود هذه المدينة أسفل الربع الخالي مدفونة تحت الرمال ، كما تم تحديد مساحتها بالكامل . الأبحاث التي تمت عن هذه المنطقة قليلة جدا لسبب واحد ، ألا وهو إمكانية تعرض الباحثين للموت في هذه الصحراء القاحلة ، وبالتالي فعلماء الآثار لم يبحثوا فيها إلا نادرا ؛ نظرا لخطورة المنطقة ووعورتها .
تقع صحراء الربع الخالي في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية ، وتغطي مساحة تصل إلى ٦٠٠ ألف كم مربع ، وتتقاسم ٤ دول رقعة هذه الصحراء ، وهي السعودية والإمارات وسلطنة عمان واليمن ، ولكن الجزء الأكبر يوجد بالمملكة العربية السعودية . سُميت هذه الصحراء بالربع الخالي لعدم وجود أية حياة فيها ، ولظروفها المناخية القاسية ، لدرجة أن البعض ربط بين هذه الصحراء القاحلة وعلامات نهاية العالم . يستند العلماء والباحثون إلى قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروچًا وأنهارا “.
لذلك يفترض العلماء أن صحراء الربع الخالي ستعود مروجًا خضراء ، لاسيما وأن الأرض تمر بدورات مناخية متقلبة ، وخصوصا وأن هناك تغييرات في الجو المناخي تشهدها الأرض ، بما يؤدي إلى ذوبان الجليد في القطب المتجمد الشمالى .
يقال إن مدينة عبار كانت مدينة عظيمة ، أُطلق عليها اسم أسطورة الرمال ، وقد تم العثور فيها أيضا على قلعة محصنة كاملة المعالم . في عام ١٩٣٢ م ، قرر الانجليزي “برتراند توماس” أن يكتشفها ويجول في أرجائها ، وعرف من البدو قصص أسطورية عن هذه المدينة ، ورؤية البعض لها رؤيا العين من قصّاصي الأثر ، ولكنه ضَرب بكل الأقاويل عرض الحائط .