سر مومياء سيدنا يوسُف بالمتحف المصري الكبير

مقال بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

اكتشف المنقب الأمريكي “تيودور ديفز” مقبرة يويا وزوجته تويا ، بمنطقة وادي الملوك بالأقصر عام ١٩٠٥م ، وكانت عبارة عن حجرة كبيرة خالية من أي نقوش ، أو رسوم على جدران المقبرة التي تقع ما بين مقبرتي رمسيس الثاني عشر وتحتمس الرابع ، كما عثر بالمقبرة على مومياء لرجل وآخرى لسيدة في حالة جيدة من الحفظ دون أي كسور أو تحلل . وُجد بالمقبرة أيضا عجلة حربية ، وأواني فخارية ، ومشغولات ذهبية وثلاثة مقاعد خشبية ، وقد أشارت البحوث إلى أن هذه المقبرة لرجل يُدعى يويا ، وقد يكون وزيرا أو مستشارا للملك ، وهو من الأشراف وكبار رجال الدولة المقربين للملك ، أما زوجته فتُدعى تويا .

 

المقبرة ترجع إلى الأسرة الثامنة عشرة ، وكان من ألقاب يويا : أبو الفرعون ، وصاحب أختام الملك ، والممدوح كثيرا في بيت الفرعون ، وغيرها من الألقاب . وقد عُرف عن زوجته تويا أنها ابنة كاهن الإله مين ، والتي كانت مشرفة الملابس بالقصر الملكي . عندما تزوج يويا وتويا أنجبا بنت أسمياها تي ، وهي زوجة الملك أمنحتُب الثالث ، وقد أنجبت منه الملك أمنحتُب الرابع المسمى إخناتون ، صاحب عقيدة التوحيد الشهيرة ، وهو حفيد يويا وتويا . تم نقل هذه المومياوات إلى المتحف المصري ، وظلت به سنوات طويلة ، وعقب نقل مجموعة الملك توت عنخ آمون إلى المتحف الكبير بالهرم ، تم نقل تابوتي يويا وتويا إلى هناك .

في سنة ١٩٨١ م ، خرج غير متخصص ، وهو مصري يُدعى أحمد عثمان ، بنظرية جديدة وغريبة ، وسجلها في كتاب يُسمى “غريب في وادي الملوك” ، تشير إلى أن يويا هو سيدنا يوسف – عليه السلام – وهذه النظرية تقوم على عدة أدلة ، منها أن اسم يويا هو اسم أجنبي غريب على المصريين ، وتمت كتابته بأكثر من طريقة ؛ لأنه لم يكن مصريا ، وكذلك تشابه اسم يويا مع يوسف ، واحتمالية نسب إلياء إلى إله العبرانيين التي يستخدم فيها لقب يويا ويوسف وتويا وياهوه ويعقوب كثيرا . أما الألقاب التي حصل عليها يويا ومنها : الأب المقدّس لسيد الأرضين ، والمشرف على تيران الفرعون . في التوراة ذُكرت قصة السبع بقرات الشهيرة ، وعندما فسر يوسف الرؤيا للملك أهداه ثلاث هدايا ، وهي : خاتم الملك ، وعجلة حربية ، وعقد من الذهب . وعندما دخلوا مقبرة يويا ، وجدوا بها الثلاث هدايا ، ما عدا الخاتم الذي يُمكن أن يكون قد تعرض للسرقة .

 

“جرافتون سيميث” ، عالم التشريح الذي قام بدراسة المومياء ، لاحظ أن طول المومياء أكثر من الطول المعتاد للمصريين ، وكذلك شكل الوجه والأنف المعقوف ، أي أنه شخص أجنبي ، كما كان سيدنا يوسف ليس مصريا ، ولكن زوجته تويا كانت مصرية . ذكرت التوراة أن سيدنا يوسف مات كبيرا في السن ، حوالي ١١٠ أعوام ، وقد عاش يويا أيضًا فوق المائة سنة عمرا ، كما كان سيدنا يوسف وسيمًا في شبابه ، وكذلك مومياء تويا التي يظهر بها الشعر الأصفر والوسامة ، كما أن لها لحية قصيرة . بالإضافة إلى ذلك ، فإن مقبرته لم يكن بها أي نقوش ، كتلك المعروفة في الحضارة الفرعونية التي تؤكد أن يويا لم يكن يؤمن بتعدد الآلهة .

الغريب أيضا ، أن مومياء يويا لم يصبها أي تلف أو تحلل ، وكانت في حالة جيدة ، ومن مُنطلَق أن أجسام الأنبياء لا تبلى ، فقد تكون المومياء لسيدنا يوسف عليه السلام .
تم دفن يويا وتويا في مقبرة ملكية بوادي الملوك ، على الرغم من أنهما ليسا ملكيْن ، الأمر الذي يدل على مرتبتهما الكبيرة لدى الملك . ولدحض هذه النظرية ، فإن أحمد عثمان ليس متخصصا في مجال الآثار ، وله نظريات أخرى غريبة ، كما أن تحليلاته تخضع لمبدأ العين ترى ما يؤمن به العقل ويتمناه .
والحقيقة أن يويا ليس سيدنا يوسف على الإطلاق ، حيث اعتمدت نظرية أحمد عثمان على تشابه الأسماء ، وهو اعتماد ضعيف جدا ، ولا يرقى للمستوى العلمي والأكاديمي ، كذلك فإن هذه النظرية أخذت مايوافقها من التوراة ، وهي الألقاب ، مثل أبو الفرعون ، وهو نفس اللقب الذي ذُكر في التوراة ، وقد أُطلق على الكثيرين في العصر الفرعوني .

أهملت النظرية أن التوراة قد ذكرت أن اليهود عند خروجهم من مصر ، أخذوا معهم جثة سيدنا يوسف عليه السلام .
أما ما يؤكد عدم مصداقية هذه المعلومة أيضا ، أن فترة الملك أمنحتُب الثالث وأمنحتُب الرابع وهو إخناتون ، كانت من أكثر الفترات استقرارا في مصر ، مع قوة نفوذها خارج حدودها ، ولم تتعرض مصر لأية مجاعات ، فى حين أن الفترة التي خرج فيها يوسف من السجن ، كانت مصر تعاني خلالها من قحط ومجاعة عكس فترة يويا

أثناء فترة يويا ، كانت مصر قوية ومنفتحة على العالم ، ويتواجد بها الكثير من الأجانب ، وبالتالي فليس غريبا أن يكون يويا أجنبيا ، أما لقب أبو الفرعون فقد لقب به الكثير من الوزراء وليس يويا فقط . كما وُجد من ضمن ألقاب يويا لقب يناقض التوحيد ، وما جاء بالأديان السماوية ، وهو كاهن الإله مين ، وهو لقب يناقض الرسالة التي جاء بها سيدنا يوسف عليه السلام .

والإله مين هو إله الخصوبة عند قدماء المصريين ، أما أشهر ألقاب إله العبرانيين ، فهو الإله ياهوه ، وبالتالي فإن هذه النظرية بها دعوة خفية لتهويد التاريخ المصري القديم ، وهكذا فإن الفراعنة بدايةً من أمنحتُب الرابع يهود ومن نسل يهودي ، وهو خطأ جسيم ؛ لأن إخناتون هو حفيد يويا وتويا ، وبالتالي فإن هذة النظرية الخاصة بالمدعو أحمد عثمان مبنية على أسس غير علمية.

Related Posts

معهد ثربانتس بالقاهرة يقدم فيلمين من روائع السينما الإسبانية ضمن فعاليات “سينما في رمضان”

كتب ابراهيم احمد ينظم معهد ثربانتس بالقاهرة عرضين سينمائيين ضمن برنامج “سينما في رمضان”، حيث يقدم اثنين من أبرز الأعمال السينمائية الإسبانية ذات الأبعاد الاجتماعية والبيئية المركبة؛ وهما الفيلم الإسباني…

المجلس الثقافي البريطاني يحتفل بانجازات الفائزين ببرنامج “نجوم العلوم”

كتب ابراهيم احمد أعلن المجلس الثقافي البريطاني في مصر عن أسماء الفائزين ببرنامج “نجوم العلوم”، الذي يعد مسابقة علمية مرموقة تمثل منارة لطلاب الصفوف من التاسع إلى الثاني عشر في…

You Missed

الإعلامية عائشة الرشيد : المتظاهرون الاسرائيليون يغلقون الكنيست

الإعلامية عائشة الرشيد : المتظاهرون الاسرائيليون يغلقون الكنيست

الإعلامية عائشة الرشيد : عودة العلاقات الجزائرية الفرنسية

الإعلامية عائشة الرشيد : عودة العلاقات الجزائرية الفرنسية

الإعلامية عائشة الرشيد : مناورات رعد المضيق للسيطرة على تايوان

الإعلامية عائشة الرشيد : مناورات رعد المضيق للسيطرة على تايوان

الإعلامية عائشة الرشيد : دولة الإمارات تحتفل باليوم العالمي للتوحد

الإعلامية عائشة الرشيد : دولة الإمارات تحتفل باليوم العالمي للتوحد

الربان وسام هركي : الشعب المصري أرعب الكيان

الربان وسام هركي : الشعب المصري أرعب الكيان

الإعلامية عائشة الرشيد : دولة الإمارات شريك رئيسي في دعم الطاقة

الإعلامية عائشة الرشيد : دولة الإمارات شريك رئيسي في دعم الطاقة