مقال بقلم : د. مختار القاضي
مراجعة لغوية : جيهان الجارحي
الفن المصري القديم على امتداد الحضارة المصرية الفرعونية له سمات مميزة للغاية عن أي فنون أخرى ، وذلك على مدار التاريخ ، والذي يجعل المهتمين بالآثار والفنون بمجرد النظر إلى قطعة من قطعه الفنية لابد وأن يقولوا بلا تردد إنها فرعونية بحتة . ولعل التحدث عن الفن المصري القديم يحتاج إلى مجلدات ، إلا أنني سوف أقتصر في مقالي هذا على سمات القطع الفنية المصرية القديمة الخاصة بالملوك ؛ وذلك للإجابة على سؤال هام ألا وهو كيف تتأكد أن هذا التمثال لملك أو ملكة فرعونية ؟ . للقطع الأثرية الفرعونية الخاصة بالملوك عدة صفات هامه جدا ، تجعلنا نقول إنها لملك أو لملكة أو حتى لإحدى الآلهة أو الآلهات . لقد استخدم المصري القديم العديد من المواد والخامات في صياغة فنونه القديمة التي فاقت شهرتها عنان السماء دون أي حضارة أخرى ، ومن هذه المواد الأحجار بأنواعها ، مثل الحجر الجيري والحجر الرملي والجرانيت والديوريت والبازلت والشيست وغيرها ، بالإضافة إلى المعادن والأخشاب والعظام والعاج .
وهنا نعود للإجابة على السؤال : ماهي سمات القطع الأثرية التي تجعلنا نتأكد أنها لملوك أو لملكات أو لآلهة مصرية قديمة ؟ ولعل أولى هذه العلامات هي التاج الملكي والذي يوجد منه ثلاثة أنواع : تاج الوجه القبلي ، وتاج الوجه البحري ، وتاج الوجهين معا . والتاج هو أول علامات الملك ، ويمكن أيضا أن نذكر في هذا السياق المنديل المخطط الذي كان يرتديه الملوك المصريون على رؤوسهم ، والذي يطلق عليه باللغة الفرعونية اسم النمس ، والذي صورته بعض الأعمال السينمائية بأنه رداء لكل الشعب المصري القديم ، وهذا خطأ جسيم ؛ لأنه سمة من سمات الملابس الخاصة بالملوك دون غيرهم . السمة الثانية من سمات الملك هي حية الكوبرا التي يرتديها الملك أيضا على الرأس وتبدو ظاهرة أسفل التاج الملكي أو في منتصفه ، وهى علامة لا تدع مجالا للشك في أن هذه القطعة الفنية لملك مصري قديم . أما العلامة المميزة كذلك للملوك في العصر الفرعوني فهي الصولجان أو عصا الملك التي كان يمسك بها الملك في إحدى يديه ، ويتم تصويره بها في كافة الأعمال الفنية الخاصة به .
من علامات الملك أيضا الموجودة في الحضارة المصرية هي الإزار الملكي أو الحزام كما يطلق عليه حاليا ، وكان يرتديه الملك في حياته ، ثم يتم تصويره به بعد مماته . نذكر أيضا من ضمن علامات الملك المعروفة في الحضارة الفرعونية الذقن المستعارة ، وهي الذقن التي يبدو بها الملك في حياته أثناء ممارسة حكمه ، وكذلك يرسم بها بعد مماته ، وهذه الذقن عندما تكون مستقيمة ومستوية فهي لملك ، وعندما تكون معقوفة فهى لإله . من ضمن السمات التي يمكن بها تمييز الآثار المصرية ، وخصوصا التماثيل الحقيقية من المزيفة ، هي أن الجانب الأيسر من وجه التمثال أو جسمه يساوي تماما الجانب الأيمن ، وفى حالة الاختلاف يكون هذا التمثال مقلد دون أدنى شك .
كان الملوك المصريون القدماء يتشبهون بالآلهة ، وخصوصا الإله أوزوريس إله الموتى الذي كان يضع يديه على شكل علامة في مستقره على صدره أثناء نومته الأبدية في تابوته بما يسمى صورة أوزورية . هناك أيضا العصا المعقوفة ، والتي كان يمسك بها الملك في يده الأخرى بجوار الصولجان ، وهي كذلك من أبرز وأهم علامات الملك في تماثيل الملوك والملكات المصريات طوال العصر المصري القديم .