غموض لعنة المدينة التي رقص سكانها حتى الموت !

مقال بقلم : د . مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

الرقص هو تعبير عن مشاعر الفرح والسرور في مناسبات مختلفة ، مثل الزواج والخطبة والنجاح وغيرها ، ولكن عندما تصيب اللعنة سكان مدينة كاملة ، ويظلون يرقصون باستمرار ، دون أي توقف حتى الموت ، فهنا يكمن اللغز المثير الذي لم يتوصل إليه الكثيرون حتى الآن . هذا ما حدث سنة ١٥١٨م ، في إقليم الألزاس بمدينة أستراسبورج التي تقع حاليا في فرنسا . ففي يوليو من نفس العام أصاب مرض طاعون الرقص الهستيري بصورة جماعية سكان المدينة ، حيث ظلوا يرقصون رقصا متواصلا دون كلل أو ملل لأيامٍ متتالية حتى الموت ، فوصل عدد الضحايا إلى ٤٠٠ قتيل من جراء طاعون الرقص .

 

بدأ هذا الوباء عندما خرجت فتاة تُدعى فرانتروفيا إلى الشارع ، وهي ترقص بحماس ، واستمرت بالرقص لمدة ستة أيام ، وانضم إليها ٣٤ آخرون من سكان المدينة ، وبحلول أغسطس انتشر الوباء ليقتل مئات الضحايا ، بعضهم مات بالنوبات القلبية ، أو السكتات الدماغية ، أو الإرهاق الشديد . اعتقد الأطباء في ذلك الوقت أن سبب الوفاة ، هو زيادة الدم الحار في أجسام الضحايا ، فتحولوا إلى مرضى ، وأنه يمكن عمل منتزهات ومسارح لعلاج هؤلاء المرضى ، معتقدين أنهم سيتعافون إذا رقصوا بشكل مستمر ، ولكن الإرهاق والتعب أصاب بعض المرضى حتى ماتوا ، وانتشر هذا الوباء حتى شهر سبتمبر .

 

هذا الحدث الغريب موثَّق في السجلات التاريخية ، في القرن السادس عشر ، وظهرت حالات مشابهة لهذا الهَوس في سويسرا وألمانيا وهولندا ، ولكن ما حدث في إستراسبورج كان الأكثر فتكا والأكثر عددا بالنسبة للمرضى .
لقد نشأت عدة نظريات لتفسير ظاهرة الرقص حتى الموت ، فقد فسر القدِّيس “ڤيتوس” هذا الأمر في القرن السادس عشر ، بأن هذا الوباء أصاب سكان المدينة نتيجة لعنة أصابت المدينة ، وخصوصا مع انتشار الأوبئة والمجاعات في تلك الفترة ، وقد فسر البعض هذا الرقص على أنه يأتي ضمن طقوس دينية ، ولكن الراقصين لم يبدُ عليهم أنهم يشعرون بالراحة أثناء الرقص ، بل كانوا مُنهَكين ومُتعرَّقين ومُرهَقين مع ذُعر وخوف  .

 

فسر البعض ذلك ، بأنه وباء جماعي ، جاء بسبب فطر ينمو على الخبز ، ثم يصيب الإنسان ويتسبب في الهلوسة بفعل التسمم ، ولكن الإصابة بالتسمم لا تجعل المريض يرقص لعدة أيام ؛ لذا فهذا التفسير غير ممكن ؛ ليظل سر مقتل ٤٠٠ إنسان بالرقص الهستيري لعدة أيام لغزا مجهولا حتى الآن !

Related Posts

الأربعاء… ليلة أدبية تفاعلية بنكهة “إسبانية .. نرويجية… تشيكية” في قلب القاهرة

كتب ابراهيم احمد ينظم معهد ثربانتس بالقاهرة (المركز الثقافي الإسباني)، أمسية أدبية تفاعلية مجانية للترويج لأعمال الأدب الأوروبي المعاصر. وذلك في تمام السابعة مساء الأربعاء 20 نوفمبر الجاري، بمقر أكسس…

وفد مصري يشارك في حوار معمق حول التعليم العابر للحدود بدعوة من المجلس الثقافي البريطاني

كتب ابراهيم احمد شارك وفد من مصر مؤخراً في فعالية الحوار المعمق حول التعليم العابر للحدود، التي نظمها المجلس الثقافي البريطاني في مانشستر، المملكة المتحدة، في الفترة من 12 إلى…

You Missed

تتراباك تنال جائزة ” الشركة الأكثر استدامة لهذا العقد” في معرض جلفود للتصنيع 2024

تتراباك تنال جائزة ” الشركة الأكثر استدامة لهذا العقد” في معرض جلفود للتصنيع 2024

“إكس فاكتور دبي” يعزز حضوره على تلفزيون دبي ويجذب انتباه الرعاة

“إكس فاكتور دبي” يعزز حضوره على تلفزيون دبي ويجذب انتباه الرعاة

OPPO تُطلق سلسلة OPPO Find X8 مع نظام ColorOS 15 عالميًا

OPPO تُطلق سلسلة OPPO Find X8 مع نظام ColorOS 15 عالميًا

الحاج محمدي كمال ونجله الكاتب الصحفي محمود يهنئان كابتن محمد سيد بفوزه بعضوية مجلس اتحاد الجودو

الحاج محمدي كمال ونجله الكاتب الصحفي محمود يهنئان كابتن محمد سيد بفوزه بعضوية مجلس اتحاد الجودو

الإعلامية عائشة الرشيد : الثالوث النووي الأمريكي والصيني

الإعلامية عائشة الرشيد : الثالوث النووي الأمريكي والصيني

الإعلامية عائشة الرشيد : الدين العام الأمريكي يصل لمستوى غير مسبوق

الإعلامية عائشة الرشيد : الدين العام الأمريكي يصل لمستوى غير مسبوق