غموض وأسرار قوم سبأ ومملكة بلقيس

بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

قصة قوم سبأ من أشهر القصص التي ذُكرت في القرآن الكريم ، وتناقلتها الأجيال ، والتي تمثل عبرة وعظة ، وهي قصة شعب تحوّل من الثراء والنعيم إلى الفقر والحرمان ؛ بسبب جحودهم لنعم الله وكفرهم بها . سبأ من كبار ملوك اليمن ، واسمه عبد شمس ، أو سبأ بن يسچب ، وسُمي بسبأ لأنه أوّل مَن سبي السبايا ، وقد بنى مدينة مأرب واتخذها عاصمةً له ، كما شيّد سدّها المشهور ، وبنى قصورًا عظيمة في أماكن متفرقة قيل إن مملكة سبأ تقع في اليمن استنادًا إلى بعض الآثار القديمة التي عُثر عليها في تلك المنطقة ، إلا أن هناك روايات أخرى تؤكد أن مملكة سبأ تقع في آثيوبيا التي اعتبروا فيها ملكة سبأ أم الآثيوبيين .

 

أغدق الله سبحانه على قوم سبأ الكثير من النعم ، فجعل لهم هواءً نقيا يستنشقونه ، وبارك لهم في أموالهم ، فعاشوا حياةً رغيدة ، كما منع الله عنهم جميع أنواع الحشرات ، كالبعوض والذباب والبراغيث ، وحتى العقارب والأفاعي والقوارض ، كذلك بارك الله في أرضهم ، فكانت غنية بالخيرات طوال العام وموفورة المياه ، حيث كانت المياه تأتيهم من بين جبليْن عظيميْن ، وقد شيّدوا سد مأرب لتخزين تلك المياه .

كفر قوم سبأ بالله وبأنبيائه ، وباتوا يعبدون الشمس ، كما عزفوا عن شكر الله عز وجل على كثرة نعمه عليهم ، لدرجة أنهم كفروا بالنعمة ، وكانوا يتمنون الشعور بالحرمان ، فكانت العاقبة الوخيمة . أرسل الله عليهم سيل شديد ، وشحّت الموارد الطبيعية ، وتسللت الفئران إلى قوم سبأ ، واتجهت إلى سد مأرب ، وظلت تحفر فيه حتى انهار وأغرق كل شيء ، من مزارع ومنازل ، حتى استحالت المعيشة على هذه الأرض ، وتشتت قوم سبأ في بقاع الأرض ، فذهب جزء منهم إلى بلاد فارس ، واستقر البعض في بلاد الشام ، وقيل إن بعضهم استقر في أفريقيا وتحديدا في آثيوبيا .

 

أما بلقيس ملكة سبأ ، فيُقال إن والدتها كانت من الجن ، وإن والدها هو الملك الهدهاد ، وإنه خرج ذات مرة للصيد فوجد ذئبا يطارد غزالة ، فقتل الذئب وسار خلف الغزالة حتى وصلت به إلى فتحة تؤدي إلى مدينة عظيمة مليئة بالقصور ، مما أثار استغراب الملك الذي صادف رجلا يمتطي حصانا ، عرّف نفسه على الهدهاد بأنه ملك هذه المملكة ، وإنه من الجن وكل سكان المملكة من الجن ، وأثناء الحديث صادف الملك الهدهاد إمرأة بارعة الجمال ، اتضح بعد ذلك أنها الغزالة التي كان يطاردها الذئب ، وهي ابنة ملك الجان وأميرة المملكة .

طلب ملك الجان من الهدهاد أن يتزوج ابنته الجميلة ؛ جزاءً له على ما فعله من معروف وإنقاذها من الذئب ، فوافق الهدهاد وتزوج منها وذهبت معه إلى مملكة سبأ ، وأنجبت منه بلقيس التي خلفت والدها فى الحكم .

 

حكم الملك سليمان الجن والإنس والحيوان ، وفي أحد الأيام غاب الهدهد وبعد فترة عاد إلى مملكة سليمان حاملا معه أخبار غير سارة عن مملكة سبأ التي تعبد الشمس من دون الله ، رغم نعم الله عليهم ، فأرسل سليمان مع الهدهد رسالة يدعوهم فيها إلى عبادة الله وحده . سلّم الهدهد الرسالة إلى بلقيس ملكة سبأ ، التي ردت عليها بإرسال الهدايا كعربون هدنة وسلام ، وفي نفس الوقت التعرُّف على قوة مملكة سليمان ، حيث تأكدوا أن لسليمان مملكة وجيش لا طاقة لهم به.

رفض الملك سليمان الهدايا ، فقررت الملكة بلقيس أن تذهب إليه بنفسها ، لتجد عرشها المصنوع من الذهب والجواهر هناك ، فتسلم لله رب العالمين بعد أن رأت عظمة القصر الذي بناه سليمان خصيصا لاستقبالها فيه ، وكان ذا أرضية زجاجية شفافة ، تسبح الأسماك بأنواعها بحرية كاملة أسفلها ، فانبهرت بلقيس وكشفت عن ساقيها ؛ حتى لا تبتل بالماء ، فأخبرها سليمان بأنه زجاج .

 

أعلنت بلقيس إسلامها بعد إعجابها بحكمة وعلم الملك سليمان ، وتقدُّم مملكته في العلوم والفنون  وقد قيل إن الملك سليمان تزوجها وأنجب منها ولدا يُدعى رحبعم ، وإنه أمهرها مدينة بعلبك في لبنان ، وقيل أيضا إن سليمان قد زوَّجها من ذي بدع من همدان ، وردها إلى اليمن ، وأمر الجن ببناء قصر لها في مأرب .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

تحت عنوان “Mindset to Startup” كتاب جديد لهاني نجيب يرسم طريق رحلة ريادة الأعمال الناجحة

كتب ابراهيم احمد إطلاق هاني نجيب، الرائد في ريادة الاعمال، كتاب “Mindset to Startup” ، …