في ذكرى ميلاد مؤسس دولة الإمارات .. الشيخ زايد بن سلطان صاحب مقولة “النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي”

كتبت : جيهان الجارحي

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، عاشق مصر وحكيم العرب ، هو صاحب السمو الراحل والحاكم الأسبق والمؤسس الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة ، تلك الشخصية البارزة التي أثرت في الساحتين العربية والعالمية ، هو صاحب الفضل في توحيد دولة الإمارات ، نال شعبية واسعة ومكانة عظيمة بين أفراد شعبه ، كما حظي بحب واحترام العديد من ملوك ورؤساء العالم .

حرص سمو الشيخ على تحقيق الوحدة بين مختلف الإمارات وكذلك بين دول الخليج ، بل وبين دول العالم قاطبة . له مقولته المشهورة عن التضامن والوحدة بين دول الخليج ، ألا وهي : ” إن قوة الخليج في وحدته الاقتصادية ؛ لأنها التحدي الحقيقي الذي سيثبت فيه الإنسان الخليجي مكانته التي يستحقها ؛ ولأن القوة الاقتصادية هي المقياس الحقيقي للقوة الذاتية الخليجية ؛ تعويضا للتخلف واندفاعا نحو التقدم والرقي ” .

ولد الشيخ زايد بن سلطان في 6 مايو من عام 1918م بقصر الحصن بإمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، ثم انتقل بعد ذلك مع أسرته إلى منطقة العين ، والتي تعد مركزا لتجمعات البدو ، حيث نشأ بها وتعلم الكثير من أمور الصحراء وحياة البدو ، وكان لهذا تأثير كبير في تكوين معالم شخصيته . تعلم الشيخ زايد أحكام الدين الإسلامي ، كما حفظ القرآن الكريم ، كان يهوى الاطلاع والمعرفة ، من هواياته ، الصيد والرماية وركوب الجمال والخيل والسباقات .

كان الشيخ زايد – رحمه الله – يهوى الجلوس إلى كبار المشايخ للتعرف على تاريخ الأجداد وغيرها من الأمور التي تتعلق بشبه الجزيرة العربية . نظرا لخبرته الكبيرة في الصحراء ، وقع الاختيار عليه ليكون مرشدا لأعضاء شركة حضرت إلى الإمارات في تلك الآونة للتنقيب عن البترول .
وقع الاختيار على الشيخ زايد بن سلطان ليكون حاكما في منطقة العين ، وذلك في عام 1946 . تولى الشيخ زايد المسئولية ، وتمكن من خلال إدارته للمنطقة من تحقيق العديد من الإنجازات ، منها تعديل ملكية الموارد المائية وتوزيعها بالتساوي على جميع المناطق ، مما أدى إلى زيادة الإنتاج وتحقيق التقدم والازدهار .

الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان ، الشقيق الأكبر للشيخ زايد ، كان حاكما لإمارة أبوظبي ، فقام الإنجليز بإقصائه ثم استدعائه إلى لندن وتنصيب أخيه الشيخ زايد بن سلطان حاكما للإمارة فيما يشبه انقلاب أبيض ، ثم أعلنت بريطانيا قرارها بالانسحاب من المنطقة الواقعة شرقي قناة السويس عام 1968 ، على أن يكتمل الانسحاب عام 1971 .

بعد الانسحاب البريطاني من شرقي قناة السويس ، رأى زايد الحاجة إلى إقامة كيان سياسي موحد ، له كلمته القوية والمسموعة في المحافل الدولية ، فتطلع كل من الشيخ زايد بن سلطان حاكم إمارة أبوظبي ، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي إلى الوحدة بين كل الإمارات المختلفة وقطر والبحرين ، ولكن قطر والبحرين لم يرغبا في الوحدة ، فسعى كل من الشيخين إلى وحدة الإمارات الست “أبوظبي ، دبي ، الشارقة ، عجمان ، أم القيوين ، الفجيرة” .
وذلك في 2 ديسمبر 1971 ، ويعد هذا التاريخ نقطة البداية لدولة الإمارات ، حيث تم الإعلان عن تأسيس دولة الإمارات مع أصحاب السمو حكام الإمارات المختلفة في دار الاتحاد بدبي ، كما تولى صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئاسة الدولة ، وتم تعيين الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائبا للرئيس ، وفي العام التالي للاتحاد بين الإمارات انضمت إمارة رأس الخيمة للاتحاد .

كانت للشيخ زايد رؤية في توحيد جميع دول الخليج التي تجمعها عوامل مشتركة ، كالتاريخ والعادات والتقاليد والاقتصاد . كانت لديه قناعة عميقة بفوائد الاتحاد بين الإمارات السبع ، وكذلك جميع دول الخليج ، مما أسفر عن تكوين تجمع إقليمي وسياسي رسمي ، حيث وقع رؤساء كل من الكويت والبحرين وعمان وقطر والسعودية والإمارات ، وثيقة تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في القمة الأولى التي عقدت بأبوظبي في 25 مايو 1981 .

اتسمت مواقف الشيخ زايد بالوضوح والحكمة تجاه القضايا العربية ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، حيث لقب بحكيم العرب ؛ لما بذله من جهود مضنية لإنهاء الخلافات بين العديد من الدول العربية .
في حرب أكتوبر المجيدة 1973 ، دعا الشيخ زايد بن سلطان إلى حظر النفط العربي على دول العالم المساندة لإسرائيل ، فاستجابت له جميع الدول العربية ، وشاعت مقولته المشهورة : ” النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي” . كانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها النفط العربي كورقة ضغط وسلاح قوي له أثره في السياسة الدولية ، كذلك قام الشيخ زايد بتقديم الدعم المادي لكل من مصر وسوريا أثناء حرب أكتوبر المجيدة ، حيث بلغت قيمة هذا الدعم إلى 100 مليون جنيه استرليني .

دعم الشيخ زايد القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ، وأكد على ضرورة منح الشعب الفلسطيني حقه لإرساء السلام الشامل والعادل ، ونادى بذلك في العديد من المنابر الدولية ، معلنا التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ووقوف الإمارات المتحدة إلى جانب الفلسطينيين .
دفع الشيخ زايد بقوات الجيش الإماراتي للمشاركة في تحرير الكويت ، حيث كانت للدولة وجيشها الباسل وقفة تاريخية بجانب الكويت في محنة الغزو العراقي عام 1990، وصولا إلى التحرير في 26 فبراير ، إذ قدمت الإمارات 8 شهداء و21 جريحا ؛ دفاعا عن الحق والشرعية الدولية ومبادئ حسن الجوار .
كذلك سجل التاريخ زيارة هامة قام بها سمو الشيخ زايد إلى اليمن في 12 مارس 1977 ، حيث أكد في تلك الزيارة على سياسة الإمارات الحريصة على وحدة اليمن والوقوف إلى جانبه ، وحماية مصالحه والدفاع عن أرضه وشعبه الشقيق ، كذلك لعب دورا بارزا في إنهاء الخلافات بين شطري اليمن ، وأمر بالعديد من المشروعات المرتبطة بالبنية التحتية كبناء المدارس والمستشفيات .

في الثاني من شهر نوفمبر عام 2004 ، فقدت دولة الإمارات العربية المتحدة أبا لها قبل أن يكون قائدها وباني اتحادها ، وذلك بعد مسيرة عطاء زاخر استمر لنحو أربعين عاما ، وشكل الخبر صدمة لكل شعب الإمارات ، كما نعت الدول العربية والأجنبية وفاة سمو الشيخ الجليل ، وحزنت على فقدانه شعوب العالم بأسره ، حيث أصدر رؤساء الحكومات الدولية رسائل رثاء مفعمة بعبارات الحزن والأسى لفقد عزيز عليهم ، يكن له العالم كل التقدير والاحترام . لقد اعتبر الجميع رحيله خسارة كبيرة ، حيث يعد بحق مدرسة في القيادة والحكم العادل الرشيد .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

الكاتب الصحفي والإعلامي محمد مصطفى شردي يقدم برنامج “كل يوم” على شاشة “ON” الأربعاء المقبل

كتب ابراهيم احمد يبدأ الكاتب الصحفي والإعلامي، محمد مصطفى شردي، رحلة إعلامية جديدة خلال الأيام …