في ذكرى يوم الشهيد .. الاحتفال بذكرى استشهاد الجنرال الذهبي “عبد المنعم رياض”

كتبت : جيهان الجارحي

يتضمن سجل التاريخ قائمة من الشهداء الشرفاء الذين افتدوا الوطن بأرواحهم الطاهرة ، ولم يضنوا عليه بحياتهم ، فاستحقوا أن يخلد التاريخ ذكراهم العطرة ويسجل أسماءهم بحروف من نور ، حروف لا يطويها الزمان ولا يأتي عليها غبار النسيان .
لقد حمل الاحتفال بيوم الشهيد اسمه ، وارتبط يوم الاحتفال بذكرى استشهاده فوق جبهة القتال .. جبهة الدفاع عن الأرض والشرف والكرامة . إنه الجنرال الذهبي ، بطل ملحمة إيلات الذي استشهد أثناء حرب الاستنزاف .. الشهيد عبد المنعم رياض .

يكفيه شرفا أن يرتبط الاحتفال بيوم الشهيد في 9 مارس من كل عام بذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض ، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق ، حيث جاء استشهاده على الجبهة وسط جنوده ليسجل تجربة عظيمة في تاريخ سير الشهداء ، لدرجة أن الدولة المصرية اختارت يوم 9 مارس يوما لتخليد ذكرى استشهاده في ساحة العزة والكرامة ، فاستحق أن يلقبه العسكريون بالجنرال الذهبي .

ولد الفريق أول عبد المنعم رياض في 22 أكتوبر 1919 في قرية “سبرباي” بمدينة طنطا محافظة الغربية ، والتحق بالكلية الحربية عام 1936 ، وكان والده محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة في الكلية الحربية ، وتخرج على يديه الكثيرون من قادة المؤسسة العسكرية .
الشهيد عبد المنعم رياض من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين ، حيث شارك في الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و1942 ، كما شارك في حرب فلسطين عام 1948 والعدوان الثلاثي عام 1956 ، وحرب 1967 وحرب الاستنزاف التي استمرت حتى أغسطس 1970 واستشهد خلالها .

الغريب أنه قبل استشهاده بأسبوعين طلب من سكرتيره استمارة المعاش الخاصة به من شئون الضباط ، والتي بمقتضاها يتمكن الورثة من صرف معاشه ، حيث تذكر الشهيد أنه لم يملأ هذه الاستمارة في ملفه العسكري لدرجة أدهشت سكرتيره ، حيث توجه للشهيد الراحل قائلا له : ” بعد 31 سنة خدمة في القوات المسلحة .. هل يعقل أن سيادة الفريق نسي أن يملأ استمارة معاشه ؟ ” ، ثم يذهب السكرتير بالفعل ليملأ له الاستمارة يوم 6 مارس ، ويحدد شقيقته دكتورة زكية وريثة لكل مستحقاته .

ذكرت المراجع العسكرية أن الفريق أول عبد المنعم رياض كان قريبا جدا من جنوده ، وفي إحدى ليالي الشتاء البارد كان في زيارة للجبهة يتفقد أحوال جنوده ، وبينما هو كذلك شاهد جنديا يقف في حراسته دون الجاكت الخاص به ، فسأله عنه ، فأخبره الجندي أنه أعطاه لأحد زملائه في مأمورية خارج الجبهة ، فما كان من الشهيد الراحل إلا أن خلع الجاكت الخاص به ويعطيه للجندي ، على أن يرده الجندي إليه في اليوم التالي في مزحة طريفة منه .

في صباح يوم 9 مارس ، اختار الفريق أول عبد المنعم رياض موقع نمرة 6 بالإسماعيلية ، والذي لا يبعد سوى 250 متر عن موقع العدو بالضفة الشرقية ، حيث توجه إليه بنفسه ليرى خطة تدمير خط بارليف المنيع ، وفي حركة خسيسة من العدو أطلق النار على موقع الفريق أول عبد المنعم رياض ليسقط الجنرال الذهبي شهيدا وسط جنوده متأثرا بجراحه عن عمر ناهز 50 عاما ، وتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها ليسجل اسمه في الصفحات المشرقة لتاريخ العسكرية المصرية الحافلة بالعديد من الشهداء الأبرار .

الجدير بالذكر ، أن التضحيات لم تتوقف عند الشهيد عبد المنعم رياض ، بل استمرت مسيرة الشهداء العطرة ليسطر التاريخ أسماء أخرى في يوم الشهيد ، مثل البطل العميد إبراهيم الرفاعي ، والعقيد أحمد المنسي ، ليخلدوا بطولات العسكرية المصرية في ذاكرة التاريخ وذاكرة كل مصري يعشق تراب هذا الوطن .
تلك هي الشخصيات العظيمة التي ترفع شعار ” إما النصر أو الشهادة” . لقد استشهد الجميع في ميدان المعركة دفاعا عن الوطن والكرامة والشرف ، لم تتوقف المسيرة عند 9 مارس ، بل إن هناك أيام أخرى وقف التاريخ عندها ليسطر بحروف الفخر والاعتزاز عظمة الجيش المصري وجنوده البواسل ، وتضحية رجال الشرطة الذين منهم من ذكر أنه استمر في القتال ولم يشعر بإصابته ، ومنهم من كان يستعد للنزول في إجازة ، وعندما سمع نداء الواجب ترك حقيبة سفره ليذهب على جبهة القتال ويواجه الموت في سبيل الدفاع عن الوطن ، ومنهم من فضل الموت باحتضان إرهابي قبل أن يفجر نفسه في زملائه .

وهناك أبطال حفروا أسماءهم بدمائهم الزكية في تاريخ الصاعقة المصرية والقوات المسلحة ، في تضحيات جعلت سيرتهم لا تفارق ألسنة الجميع ، وصورتهم لا تغادر مخيلاتهم ، حيث يشدو المواطنون بأسمائهم في الأناشيد الوطنية ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر ، استشهاد اللواء نبيل فراج الذي استشهد وسط تلاميذه عند اقتحام إحدى البؤر الإرهابية في مدينة كرداسة ليضيف بذلك صفحة مشرقة إلى صفحات التاريخ المجيد لشهداء مصر الخالدين .
قال تعالى : “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون” . صدق الله العظيم .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

السلام العالمى الان رهن وجود تحالف عربى افريقى اسلامى ينهى صراع الزعامه على قيادة العالم والخراب والدمار …. كتب الشريف المستشار اسماعيل الانصارى

السلام العالمى الان رهن وجود تحالف عربى افريقى اسلامى ينهى صراع الزعامه على قيادة العالم …