قصة الدكتور “محمد مشالي” .. الطبيب الذي خلد اسمه بحروف من نور في تاريخ الإنسانية

بقلم : د . مختار القاضي
الطبيب “محمد عبد الغفار مشالي” ، ابن محافظة الغربية الذي اشتهر بطبيب الغلابة ، هو طبيب مصري أصيل وهب عمره وخبرته في مجال الطب لعلاج الغلابة ؛ تنفيذا لوصية والده رحمه الله الذي ألحقه بكلية الطب حتى يعالج الغلابة والفقراء والمساكين من المرضى الذين عجزوا عن توفير ثمن الكشف أو العلاج لدى أطباء آخرين صنعوا من مهنة الطب تجارة ، فلا يقدمون خدماتهم إلا لمن يدفع أكثر . وإن كان هناك الكثيرون أيضا من الأطباء الذين يفعلون الخير ويراعون ظروف الفقراء ، بل ويعالجونهم بالمجان ، ولكن يبقى الدكتور محمد مشالي هو القدوة والمثل الأعلى في أعمال الخير لكل طبيب إنسان . الدكتور محمد مشالي يقيم في طنطا ويتراوح كشفه مابين خمسة وعشرة جنيهات كحد أقصى ، وأحيانا يكون الكشف بالمجان في حالة تصريح المريض له بعدم قدرته على الدفع .

عيادة الدكتور مشالي دائما مزدحمة بالمرضى ، فقد تفرغ تماما لعلاجهم برضاء وصفاء نفسي وراحة ضمير ، فهو يجد كل السعادة في علاج هؤلاء المرضى من الفقراء ، ويرى أن هذه رسالته الوحيدة فى الحياة . لو تم استدعاء الدكتور مشالي لعلاج مريض لايقدر على المشي بسبب سوء حالته الصحية ، فتأكد أنه سوف يذهب بنفسه إليه دافعا ثمن المواصلات ذهابا وإيابا من جيبه الخاص ، ثم يقوم بفحص المريض ويشخص له الداء ثم يكتب له الدواء ، ولا يحصل على أي مقابل مادي على الإطلاق ؛ تنفيذا لوصية أبيه رحمه الله ، وقد يشتري له العلاج أيضا على نفقته الخاصة . الدكتور محمد مشالي عليه مسئوليات ضخمة ، فقد مات والده وهو صغير تاركا له أخوته ليتولى الإنفاق عليهم . ولد الدكتور مشالي في الأربعينيات من القرن الماضي وكان والده يعمل مدرسا وألحقه بكلية الطب ليس بهدف التربح ، ولكن لمساعدة الناس وتقديم النصائح الطبية لهم وتشخيص الأمراض ووصف العلاج .

تخرج الدكتور مشالي في كلية الطب سنة ١٩٦٧ م ، وهو نفس العام الذي توفي فيه والده ، تاركا له إخوته الصغار كي يتكفل بتربيتهم ، فاضطر للعمل فورا لتربية أخوته ، ثم توفي شقيقه الأكبر ليتكفل هو بكافة نفقات إخوته . الدكتور محمد مشالي لم يتزوج حتى يتفرغ لتربية إخوته وتقديم العناية والرعاية للمرضى من الفقراء ، ولكن عقب الانتهاء من مسئولية إخوته تزوج وأنجب ثلاثة أبناء يعملون مهندسين . في فترة الثمانينيات قرر الدكتور محمد مشالي فتح عيادة لعلاج الغلابة بعيدا عن تحقيق أي أرباح ، وعلمت زوجته بذلك وشجعته على فعل الخير لوجه الله ، وخصوصا مع ارتفاع تكاليف العلاج وأجور كشف الأطباء التي وصلت إلى أرقام خيالية . كان مشالي يتقاضى عن الكشف الواحد خمسة قروش فقط وبمرور السنين وصل الكشف إلى عشرة جنيهات كحد أقصى ، كما أنه يجري في بعض الأحيان تحاليل بالمجان يعجز المرضى عن سداد قيمتها .

الدكتور محمد عبد الغفار مشالي يعمل يوميا من الساعة التاسعة صباحا وحتى الحادية عشرة مساء ، ولديه عيادتان ، إحداهما في طنطا والثانية في إحدى القرى القريبة منها ، رغم أنه تعدى السبعين من عمره بكثير . الدكتور مشالي يهوى القراءة ويجد سعادته في اكتساب المعلومات التي يستطيع بها تقديم خدمة طبية أفضل للمرضى ، كما أنه يحب الكاتب الدكتور طه حسين وقرأ جميع مؤلفاته . هو يفضل أن يكون سببا في علاج الناس ، خيرا من أن يكون من الأثرياء ؛ لذلك فقيمة الكشف في متناول الجميع . الدكتور مشالي لايملك سيارة حتى وقتنا هذا ، ولكنه سعيد جدا لكونه سببا في علاج الكثير من الفقراء الذين يتعامل معهم بالعطف والحنان واللين ؛ لأنه يرى أن فيهم من لا يملك قوت يومه وثمن طعامه ، وخصوصا المرضى من الأطفال وكبار السن ؛ لذلك فهو لإيجد أي غضاضة في أن يدفع من جيبه الخاص لشراء الدواء لأي مريض ليس لديه المقدرة على تحمل ثمن العلاج .

رفض الدكتور محمد عبد الغفار مشالي تبرع له بملايين الجنيهات ، وتجهيز عيادة حديثة له في أحدث شوارع طنطا وعلى أحدث طراز ، ولكنه قبل هدية عبارة عن سماعة طبية لا يتعدى ثمنها ثمانين جنيها فقط من شاب إماراتي يسمى غيث مقدم برنامج “قلبي اطمئن” . الدكتور محمد مشالي لا يهوى الظهور الإعلامي كثيرا بسبب ضيق وقته وكثرة مشاغله وزيادة عدد مرضاه الذين يأخذون غالبية وقته ، والذين وهب لهم شبابه وجهده وتفانى في خدمتهم وفعل ما يستطيع ليكون سببا في شفائهم .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

تحت عنوان “Mindset to Startup” كتاب جديد لهاني نجيب يرسم طريق رحلة ريادة الأعمال الناجحة

كتب ابراهيم احمد إطلاق هاني نجيب، الرائد في ريادة الاعمال، كتاب “Mindset to Startup” ، …