“كلمة وطن” .. بمناسبة العيد السادس والستين للمخابرات المصرية

كتبت : جيهان الجارحي

تحية شكر وتقدير وإجلال للمخابرات المصرية العظيمة ، رمز الصمود والتضحية والفداء على مدار 66 عاما . لقد تم إنشاء جهاز المخابرات المصرية بعد ثورة يوليو 1952 ، بقرار من الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” ، وذلك في عام 1954 بحيث يكون جهازا قويا قادرا على حماية الأمن القومي المصري ، وقد أسند عبد الناصر مهمة إنشاء هذا الجهاز إلى نائبه آنذاك ، زكريا محيي الدين ، القائد العسكري والسياسي البارز الذي كان ضمن الضباط الأحرار عند قيام ثورة يوليو ، وتولى منصب رئيس الوزراء ، ثم نائبا لرئيس الجمهورية الراحل جمال عبد الناصر .

كانت شخصية رئيس المخابرات المصرية سرية حتى وقت ليس ببعيد ، وكانت لا تعلن إلا لرئيس الجمهورية وكبار قيادات الجيش ، حيث يقوم رئيس الجمهورية بتعيينه بقرار جمهوري . كان زكريا محيي الدين أول من تولى رئاسة المخابرات المصرية عام 1954 ، وتوالى من بعده الرؤساء حتى تولى اللواء عمر سليمان رئاسة جهاز المخابرات المصرية عام 1993 ، حيث يعد “عمر سليمان” أول رئيس للمخابرات المصرية يعلن عنه في وسائل الإعلام ، حيث صور الإعلام اجتماعاته مع الرئيس الفلسطيني السابق “ياسر عرفات” ، وكذلك زياراته إلى الولايات المتحدة الأمريكية . مع بداية ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ . ترك سليمان منصبه كرئيس لجهاز المخابرات المصرية بعد أن تم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية ؛ ليترك رئاسة جهاز المخابرات إلى اللواء مراد موافي .

في تلك الذكرى العطرة من تاريخ المخابرات المصرية الحافل بالبطولات والأمجاد ، والتي يحتفل فيها الجهاز بعيده السادس والستين ، نتذكر هذه العبارة : ” اليد العليا لمن يملك البحر ، السلاح ، السماء ، المعلومات ” .. كانت هذه العبارة هي الجملة الافتتاحية التي بدأ بها جهاز المخابرات العامة المصرية فيلمه الوثائقي التنويري الذي أنتجه ويحمل اسم “كلمة وطن” ، والذي يكشف عن أسرار جديدة وبعض العمليات الاستخباراتية التي لها علاقة مباشرة بثورة يناير وأحداث ماسبيرو . تناول هذا الفيلم الوثائقي تاريخ إنشاء أجهزة المخابرات في العالم ، وقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بإنشاء ذلك الجهاز عام 1954 ، كما عرض الفيلم الإنجازات التي حققها جهاز المخابرات المصرية والتطورات التي لحقت به .

تناول الفيلم أبرز العمليات التي قام بها جهاز المخابرات على مر التاريخ ، من عهد الرؤساء السابقين ، جمال عبد الناصر والسادات و حسني مبارك ، وأحداث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وهزيمة 1967 وحرب أكتوبر المجيدة ، كما تطرق الفيلم إلى ثورة يناير ، ودور المخابرات في تحقيق الأمن الغذائي ومواجهة الأزمات الأمنية التي تعرضت لها مصر ، في محاولة منها لسد الفراغ الأمني الذي تولد بعد تهالك جهاز الشرطة وانسحابه من الشارع إبان ثورة يناير 2011 .

تطرق الفيلم إلى دور الجهاز في هزيمة الموساد الإسرائيلي ، وعملية القبض على الجاسوس الإسرائيلي “إيلان جرابيل” الذي تم تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وتمت مبادلته بعدد من السجناء المصريين المعتقلين لدى إسرائيل .
تناول الفيلم كذلك عملية دخول صليب خشبي مع سائح إسرائيلي اسمه “معاذ حلقة” ، حيث ضبطت لديه أسلحة مشابهة للسلاح المصري وبعض الطلقات مصرية الصنع ، والتي استخدمت لبث الفرقة إبان ثورة يناير وفي أحداث ماسبيرو . عرضت المخابرات المصرية صور للصليب الخشبي وفيديو القبض على الجاسوس “معاذ حلقة” .

تناول الفيلم دور المخابرات في التصدي لمحاولة إغراق مصر بالأسلحة عقب ثورة يناير تمهيدا لاستخدامها في اغتيال شخصيات عظيمة .
كشف الفيلم الوثائقي عن العمليات الموجهة ضد مصر من ناحية الشرق ، وخاصة دولة إيران ، حيث قامت المخابرات المصرية بمتابعة ظاهرة المد الشيعي وتوجهاته ، وقيام الجاسوس “محمود عيد” بالتعاون مع المخابرات الإيرانية ، وبالتحديد المدعو ” محمد رضا حسين” من عناصر الحرس الثوري الإيراني ، حيث قام محمود عيد بإمداد محمد رضا حسين بمعلومات عن مصر ، وتمت معاقبة المتهم الأول بش 35 عاما ، بينما حكم بالمؤبد غيابيا على المتهم الثاني .

ذكر الفيلم الشخصيات التي قامت بأدوار خلال بعض الأعمال الفنية ، من بينها شخصيات جمعة الشوان الذي جسد شخصيته الفنان القدير عادل إمام من خلال مسلسل ” دموع في عيون وقحة” ، وكذلك شخصية رأفت الهجان . عرض الفيلم لقطات من داخل مبنى المخابرات المصرية ومتحفها الذي يضم صورا لأهم العمليات التي نجحت المخابرات المصرية في الكشف عنها . لفت الفيلم النظر إلى عقوبة التخابر على مصر التي تصل إلى حد الإعدام . تطرق الفيلم إلى دور المخابرات في دعم القضية الفلسطينية ، ونجاحها في إتمام صفقة الجاسوس الإسرائيلي “جلعاد شاليط” ومبادلته بالأسرى الفلسطينيين . كشف الفيلم عن عملية الجاسوس “طارق عبد الرازق” ، فبعد تأكد رجال الموساد الإسرائيلي من صلاحيته ، قام بإنشاء مواقع إلكترونية لاصطياد الشباب عن طريق مواقع توظيف وهمية ، كما عرضت المخابرات المصرية من خلال فيلمها لقطات لبعض مواقع التوظيف التي تطلب بيانات ومعلومات والتي تبغي اصطياد الشباب ، محذرة الشباب من الوقوع في شباكها .

لقد تم إنتاج ذلك الفيلم في وقت كان الشعب في حاجة ماسة لمعرفة طبيعة عمل المخابرات المصرية ، وخاصة بعد ثورة يناير ، حيث قامت المخابرات بتوفير رغيف الخبز للمصريين في تلك الفترة العصيبة التي كانت تعاني فيها مصر من أزمة الطاقة ، بالإضافة إلى الأزمات الأخرى التي هزت مصر ومن بينها الفراغ الأمني بعد انسحاب الشرطة من المشهد الأمني إبان ثورة يناير 2011 ، واستغل العملاء الموقف ليقفوا بجوار الثوار ، محرضين المتظاهرين على القيام بأعمال تخريبية .

الجدير بالذكر ، أنه من المعروف عن المخابرات العامة المصرية هو عدم ظهورها إعلاميا ، لكنها شقت طريقها إلى النور عقب ثورة ٢٥ يناير بإصدار بيان صحفي أكدت من خلاله وقوفها بجانب الشعب المصري في ظروفه الحالكة ، وجاء في نهاية البيان عقب فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة أن جهاز المخابرات المصرية سيقف على مسافة واحدة من جميع مرشحي الانتخابات الرئاسية دون انحياز إلى طرف على حساب الآخر .

وجدت المخابرات المصرية أن وسائل الإعلام هي أفضل الطرق لبث الوعي لدى الشباب وتعريفه بدورها ، حيث تبتكر أجهزة المخابرات العالمية كل يوم طرقا حديثة للتخابر وقد لا يستوعب الشباب ذلك ، لابد له أن يعي أن جهاز المخابرات هيئة مستقلة بذاتها ، السرية التامة عامل جوهري في طبيعة عملها ، ربما يخفى على الكثيرين أن دور المخابرات المصرية لا يقتصر على الجانب الأمني ، بل يتعداه إلى الدور الغذائي والاقتصادي ، فضلا عن الأمن القومي الداخلي والخارجي .

تحية إجلال وتقدير إلى المخابرات المصرية ، العامة والعسكرية .. دمتم ذخرا للوطن ومعينا لا ينضب من العطاء والتضحية .

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

السلام العالمى الان رهن وجود تحالف عربى افريقى اسلامى ينهى صراع الزعامه على قيادة العالم والخراب والدمار …. كتب الشريف المستشار اسماعيل الانصارى

السلام العالمى الان رهن وجود تحالف عربى افريقى اسلامى ينهى صراع الزعامه على قيادة العالم …