كورونا سيغير العالم وهذه هي الأسباب

مقال بقلم : د . مختار القاضي

عقب نهاية فيروس كورونا المستجد “كوفيد ١٩” سيصبح البشر ، إما أكثر اجتماعا وتعاونا وإنسانية ، أو أكثر انفرادية ووحشية . إن العالم القائم على الربح والمنفعة كمحرك لكل شيء سيسأل يوما : لماذا لم يوفر الكمامات والقفازات وأجهزة التنفس لشعوبه ؟ ولماذا يترك فيه كبار السن دون علاج ليلقوا حتفهم ؟!. إن الكوكب الذي دمر فيه العلم وتراجع فيه دور العلماء لصالح السلاح والحروب والغاز والنفط والنفوذ ، سيعود فيه دور العلماء ليكون في الصدارة وسيكون له وزنه في السياسات العالمية ، وكما يتم منح العسكريين الأموال والأنواط والنياشين سيتم منحها للعلماء والأطباء .

كانت الدول تتنافس على النفط والسلاح ، وأصبحت الآن تتهافت على الكمامات وأجهزة التنفس ؛ لأن القيمة الاستراتيچية للأشياء تتغير ولو مؤقتا ، فقد خرج مسئول ألماني ليتهم الولايات المتحدة بقرصنة مائتي ألف كمامة طبية كانت موجهة إلى ألمانيا ، ثم يعود ترامب ليهدد الهند بعقوبات قاسية حتى يجبرها على تعليق قرارها بوقف تصدير دواء الكلوروكسي كلوروكين ، كما رحب ترامب بأى طبيب يهاجر إلى أمريكا وسط أزمة صحية غير مسبوقة .

أما الصين ، فقد استغلت الفرصة وعملت مصانعها لتصبح منجم العالم الطبي ، فتصدر منتجاتها لجميع أنحاء العالم وتقدم خدماتها للجميع حتى أمريكا التى رفضت بشدة .
تغير وجه الاقتصاد وانهارت مقومات العظمة ، فتتراجع الصناعات الثقيلة والنفط وتتقدم الصناعات الطبية ، حتى شركات فورد وچنرال موتورز وتسلا تتجه لتغيير أنشطتها لتعمل فى المنتجات الطبية . أما الاتحاد الأوروبي الذي ينتظر أقنعته من الصين فسوف ينتهي ولن يصبح مثل اليوم ، فقد حدثت به خلافات كبيرة بفعل الفيروس وأصبح التضامن الأوروبي غير موجود . أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد تكون هذه آخر أيامه ، فهو لن ينجح في الانتخابات طالما لم يوقف انتشار الفيروس ، ولم يتمكن من إنقاذ أرواح ملايين الأمريكان ، وبذلك لن يكون قائدا للعالم هذه المرة ، حيث قال مستهينا بشأن الفيروس : “إن الإنفلونزا العادية ضحاياها أكثر من كورونا” .

من ناحية أخرى ، وجه ترامب انتقادات واسعة للاتحاد الأوروبي ، فأصبحت أوروبا في معسكر وأمريكا في معسكر آخر ، كما أن علاقته بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليست كما يجب . ارتكبت إدارة ترامب أربعة أخطاء فادحة منذ اجتياح الفيروس لأمريكا ، أولها الإخفاق في تصنيع اختبارات الإصابة وقرار الاختبارات لعدد قليل جدا من السكان ، والتأخير في إجراء الاختبارات خارج مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها ، مع استمرار المشاكل في توريد الاختبارات الطبية ، فانتشر كورونا بصمت لأسابيع وأصبحت أمريكا أكبر دولة في نسبة الإصابة بالڤيروس في العالم وصارت ضحية الفيروس وتحت رحمته ، وإنها لن تتمكن من قيادة العالم في محاربة الجائحة ؛ ومن ثم تترك فراغا لابد لأحد من ملئه بعد أن أصبحت في أزمة اقتصادية وأزمة صحية ، كما تولدت أزمة ثقة بين الشعب الأمريكي والإدارة السياسية فى البلاد .

لقد أخفت الصين الحقائق عن الفيروس لمدة شهرين ، فكانت المطالب لها بدفع تعويضات ، ولكن إخفاء الحقائق لأرقام حكومية سمة الأنظمة الاستبدادية التي تغيب فيها الشفافية وحرية الإعلام ، لكن الصين فعليا تقوم بتزويد العالم باحتياجاته الطبية بما لها من إمكانيات هائلة ، وأصبح العالم يتطلع إلى الصين التي فتحت ذراعيها للجميع ولم تنصب العداء لأحد ، في حين تصب أمريكا جم غضبها على إيران وكوريا الشمالية وأوروبا والصين وغيرها .
ساعدت الصين دول أوروبا وأصبحت المصنع الطبي للعالم كله في الحرب العالمية على الفيروس .

أما روسيا ، فأصبحت في أزمة كبرى واتخذت إجراءات صارمة ضد الڤيروس ، تلك المتبعة في الدول المتأزمة ، مثل غلق المدارس والجامعات ومنع التجوال وحزم مساعدات مالية للقطاعات الاقتصادية وإغلاق الحدود مع الصين ، ولكنها ستتعدى الأزمة الإقتصادية لما لها من احتياطيين هائلين من الذهب والنقد .

حول فيروس كورونا منظمة الأمم المتحدة إلى مجرد ديكور ، واتضح أنها لا تعمل سوى لمصالح الدول الكبرى فقط ، حيث تأخرت في الاجتماعات واتخاذ القرارات ، ولم تقدم أي شيء سوى المطالبة بوقف الحروب في منطقة الشرق الأوسط ، وهي لاتمتلك مستشفيات للعلاج ولاتمتلك أجهزة تنفس أو كمامات ، وبالتالي فهي لم تقدم شيئا على الإطلاق ، وعلى هذا فإن مواثيقها وشخوصها أيضا تحتاج إلى الكثير من التغيير .

Related Posts

إعلان أديس أبابا عن الاتحاد الأفريقي : يدعو إلى تعويضات اجتماعية واقتصادية عن الاستغلال التاريخي الذي حدث في أفريقيا

كتب إبراهيم أحمد استضافت مفوضية الاتحاد الأفريقي (AUC) ورشة عمل دولية لمدة يومين بعنوان “دور المجتمعات الدينية والمنظمات الأخلاقية في تعزيز العدالة للأفارقة والأشخاص من أصل أفريقي من خلال التعويضات”…

ورشة عمل حول التعويض والتعافي من المظالم التاريخية في أفريقيا تعقد في مفوضية الاتحاد الأفريقي

كتب ابراهيم احمد في 27 فبراير 2025، في منتجع كوريفتو أفريكان فيليدج، أديس أبابا، و28 فبراير 2025، في مفوضية الاتحاد الأفريقي، أديس أبابا، سيتم تنظيم ورشة عمل لمدة يومين بعنوان…

You Missed

تعاون بين فيكسد مصر و فيزا العالمية لتبادل الخبرات في الحلول الرقمية وأمن المعلومات

تعاون بين فيكسد مصر و فيزا العالمية لتبادل الخبرات في الحلول الرقمية وأمن المعلومات

تلفزيون إل جى الذكي بنظام WebOS يقدم محتوى حصريا لرمضان 2025 على OSN+ و Yango Play و Shahid

تلفزيون إل جى الذكي بنظام WebOS يقدم محتوى حصريا لرمضان 2025 على OSN+ و Yango Play و Shahid

“المصرية للاتصالات” و”الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات” يحتفلان بخريجي أكاديمية “نحن نبتكر WE INNOVATE”

“المصرية للاتصالات” و”الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات” يحتفلان بخريجي أكاديمية “نحن نبتكر WE INNOVATE”

الربان وسام هركي : الجيش المصري كان وسيظل درع الأمة وسيفها

الربان وسام هركي : الجيش المصري كان وسيظل درع الأمة وسيفها

الربان وسام هركي : حلقة خير أجناد الأرض في ذكري العاشر من رمضان

الربان وسام هركي : حلقة خير أجناد الأرض في ذكري العاشر من رمضان

20 عاما على أول اتفاقية عالمية لمكافحة التبغ.. البدائل والفرص الضائعة

20 عاما على أول اتفاقية عالمية لمكافحة التبغ.. البدائل والفرص الضائعة