مارسيل نينو .. الجاسوسة التي وهبتها مصر كل شيء فخانتها لصالح إسرائيل

بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

أرادت أن تثبت ولاءها لإسرائيل للوقيعة بين مصر وأمريكا وبريطانيا ؛ كي تتدخل كلتا الدولتيْن عسكريًا في مصر ، وتوريط مصر في حرب لتنعم إسرائيل بالأمن والأمان .

“مارسيل فيكتور نينو” ، ابنة الموساد البارة ، من مواليد سنة 1929م لعائلة يهودية بالقاهرة ، كان والدها من اليهود المضطهدين في بلغاريا ، ففر هاربا إلى مصر قبل الحرب العالمية الأولى ، واستقبلته مصر وأعطته الأمان ، كما فرَّت والدتها لمصر . توفي والد مارسيل وهي في العاشرة من عمرها ، فأكملت تعليمها في المدارس المصرية المخصصة للجاليات اليهودية .

 

مثَّلت مارسيل مصر في الألعاب الأوليمبية عام 1948 ، وظلت تتفاعل مع المجتمع المصري حتى عام 1951 م . شعرت المخابرات الإسرائيلية أن هناك تغيرات تحدث في مصر من شأنها تهديد الوجود الإسرائيلي ، وأنها سوف تؤثر على قوة إسرائيل ، وتُحوِّل مصر إلى عدو مباشر للكيان الصهيوني . كلفت إسرائيل الوحدة 131 التابعة للموساد ، برئاسة المقدم “موردخاي كيتسور” ، الذي جنَّد بدوره ضابط مخابرات إسرائيلي مصري الأصل يُدعى إبراهيم دار ؛ لتجنيد عملاء للموساد في مصر .

 

تمكن إبراهيم دار من دخول مصر بجواز سفر بريطاني ، والتقى عددًا من اليهود المصريين ، وقام بتجنيد البعض منهم لصالح الموساد وعددهم 13 يهودي مصري ، من بينهم مارسيل التي كانت تعمل آنذاك سكرتيرة في إحدى الدوائر المصرية . وعلى الرغم من احتضان مصر لمارسيل وعائلتها ، إلا أنها وافقت على خيانة مصر لصالح إسرائيل واعتبرتها بلدها الأصلي ، بالرغم من أنها لم تقم بزيارة إسرائيل ولم تتحدث حتى لغتها . تدرَّبت مارسيل ثلاث سنوات للتخطيط والتجهيز لأكبر عملية للموساد في مصر ، والتي عُرفت لاحقا باسم عملية “سوزانا” ، حيث تهدف إلى ضرب المصالح الأمريكية والبريطانية في مصر ؛ من أجل إجبار البلديْن على تعزيز نفوذهما العسكري في مصر ، ومنع مصر من تأميم قناة السويس .

 

في عام 1954 م ، قامت مجموعة من اليهود بزرع قنابل في مكتب بريد الإسكندرية والمكتب الثقافي الأمريكي في القاهرة والإسكندرية ، وتفجير هذه المراكز ، وكانت المجموعة في سبيلها لتفجير دار سينما الإسكندرية ، لولا أن القنبلة احترقت مع حاملها قبل أن تنفجر خارج السينما .
علمت مارسيل بخبر فشل العملية ، فحاولت الهروب لرأس البر تمهيدًا للخروج من مصر إلى إسرائيل ، ولكن الأمن المصري تمكن من إلقاء القبض عليها والتحقيق معها وإحالتها للمحاكمة ، التي قضت عليها بالسجن لمدة خمسة عشر عاما ، كما تم الحكم بالإعدام على اثنين من العملاء الآخرين .

 

دوَّت فضيحة كبرى في إسرائيل على إثر ذلك ، وقال رئيس وزراء الاحتلال “موشيه شاريت” ، إنه لم يكن على علم بالعملية ، كما استقال وزير الدفاع “بنحاس لافون” الذي ادّعى أيضا أنه لم يكن يعلم بتفاصيل العملية ، وكذلك استقالت مناصب أخرى من الحكومة الإسرائيلية .
استمرت فضائح العملية الفاشلة في إسرائيل لمدة أربع سنوات ، حتى أن الصحافة الإسرائيلية وصفتها بالعملية القذرة .

 

تم الإفراج عن مارسيل سنة 1968 م ، في صفقة تبادل للأسرى بين مصر وإسرائيل ؛ لتكمل الخائنة حياتها في دولة الاحتلال ، بعد أن تم تكريمها مرات عديدة من أرفع المناصب في إسرائيل ، حتى أن رئيسة وزراء إسرائيل “جولدمائير” حضرت حفل زفافها .

توفيت مارسيل عام 2019 م عن عمر يناهز ال 90 عاما ، وحضر تأبينها رئيس الموساد “يوسي كوهين” ، باعتبارها إحدى أساطير الموساد التي خانت الدولة المصرية التي احتضنتها ؛ من أجل عيون إسرائيل !

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

الكاتب الصحفي والإعلامي محمد مصطفى شردي يقدم برنامج “كل يوم” على شاشة “ON” الأربعاء المقبل

كتب ابراهيم احمد يبدأ الكاتب الصحفي والإعلامي، محمد مصطفى شردي، رحلة إعلامية جديدة خلال الأيام …