من أين لنا يا حكومة ؟!

بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

سيدي المسئول عن هذا الشعب ، من فضلك افتح قلبك ودعني أحاورك بهدوء .. بادئ ذي بدء ، لا توجد دولة في العالم كله تبني مشاريعها من جيوب المواطنين ، خاصةً إذا كان هؤلاء المواطنون ملتزمين بحزمة من التشريعات الضريبية التي تضرب في كل مناحي الحياة .. وفي صمتٍ أطلق المُشرِّعون حكاية توثيق وتسجيل العقارات ، وواكَبَ الحكاية تصريحات غير صادقة مفادها ، أن التسجيل بالشهر العقاري لن يزيد عن 2000 جنيه ، وتبين أن ال 2000 جنيه سوف ترتفع إلى 100 ألف جنيه لبعض الوحدات أو المنازل ، وفي أقل تقدير 10,000جنيه .. ما يعني أن حصيلة الحكاية أو قل سُمها المعسول كما تشاء ، تتحدث عن مئات المليارات من الشعب ، سوف توضع كرسوم في خزينة الحكومة ، وستكون أكبر حصيلة لرسوم في تاريخ مصر كلها !

أولا : أنا لست ضد أي تطور أو تنظيم للملكيات ؛ ذلك لكي نكون دولة محترمة ، بها من القواعد والقوانين ما يُشرِّفنا ويرفع من مكانة وطننا .
ثانيا : أيها المُشرِّعون الأفذاذ ، نحن – الشعب المصري – ورثنا فسادا ، وورثنا تعليما متراجعا ، وورثنا صحة مُعتلة .. فلسنا اليابان أو ألمانيا أو أوروبا .. نحن مازلنا نحبو لنلحق بركب مَن سبقونا بسنواتٍ ضوئية .
ثالثا : من أين للناس بكل هذه المليارات لتدفعها مقابل تسجيل عقارها ؟! أليس من الأولى والأجدى أن يُوظِّف الناس تلك المليارات في الاقتصاد لتقلِّص وتُحد من حجم الركود الحالي ؟!

رابعا : لماذا تلوي ذراعي وتحرمني من خدمات المياه والكهرباء والمرافق إن لم أقم بتسجيل العقار ، على الرغم من أنني أسدد رسوم تلك الخدمات ؟!
أنت الدولة وأنا المواطن ، ومن حقي عليك أن أحيا كبني آدم وكإنسان له حقوق ، وتلك مسئوليتكم كحكومة .. لماذا تتبع سيدي المسئول سياسة العصا والجزرة ؟!…إن لم تسجل عقارك سوف أمنع عنك المياه والكهرباء وبقية الخدمات!
خامسا : أيها المُشرِّع العبقري ، هناك ملايين وملايين من البيوت التي ورثها ساكنوها عن أجدادهم جيلا بعد جيل ، وبعض البيوت لا تملك ورقة أو مستند ملكية ، فماذا أنت فاعل حيال هؤلاء ؟ وماذا هم فاعلون.؟
سادسا : هل تدرك أن شرط التسجيل مع شراء العقار سوف يوجه ضربة قاصمة للسوق العقاري ، فيخسر المُلّاك مليارات الجنيهات حين يزداد العرض ويتوقف الطلب .

سابعا : إن إجراءات التسجيل نفسها وخطواتها ، والذهاب للمحكمة ومكتب مساحة ومكتب هندسي ونقابة المحامين والشهر العقاري ، ستعني إهدارًا للطاقة البشرية ، وإهدارًا في إنتاج كل مواطن ، ناهيك عن كون إجراءات التسجيل والتقاضي تتطلب توكيل محامٍ متخصص بأتعاب باهظة ،
من أين يأتي بها المواطن المطحون ؟! فلماذا لا يتم إعادة النظر في ذلك القانون لتلافي كل تلك الخطوات؟!
ثامنا : لقد دمرتنا كورونا ، فمنا مَن فقد وظيفته ، ومنا مَن تراجع أو فقد دخله ، ومنا مَن عاد من غربته صفر اليدين ، ومنا مَن تكَّبدت تجارته خسائر فادحة ، ومنا مَن عجز عن سداد أقساط شقته ، أو شيءٍ ما اشتراه بسبب تداعيات الوباء .. فكيف لنا أن نستيقظ علي أمرٍ سيكلفنا فوق طاقتنا ، ولم نعد نملك إلا مايحفظ كرامتنا ؟!

تاسعا : بعض السيولة مع الناس تمثل عامل أمان نفسي هام ، في ظل ذلك الركود .. فكيف لهم أن يضحوا بالسيولة المتاحة بين أيديهم ، بينما فصول كورونا لم تنتهِ بعد ؟! ..ولا تنسَ سيدي الفاضل ، أن السياسة البنكية خفّضت الفوائد التي كان يتعيّش عليها السواد الأعظم ممن ادخروا أموالا لمجابهة نوائب الدهر..!!
عاشرا : لماذا الإصرار والتشدد في التطبيق ؟! أليس من حق الناس أن تطالب بفترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات ؛ لكي ترتب أمورها وتستعيد عافيتها ، بعد عامٍ تكَّبدت فيه 95% من شركات العالم خسائر فادحة ؟!

حادي عشر : حصيلة تلك الرسوم المُبالَغ فيها ، يجب ألا تذهب لمكتب هندسي أو نقابة أو هيئة أو رسوم قضائية ، بل يجب أن تُوَظَّف كاملةً لتطوير التعليم والصحة ، أولا وثانيا وثالثا .
ثاني عشر : لم يعد لدينا فائض لنسدده ، فليس من المنطقي أن تنهال علينا الرسوم بارتفاعات بلغت في بعضها 700%؜ ، لنضيف عليها التسجيل الإجباري !
ثالث عشر : ولماذا أغفَلَ مُشرِّع هذا التعديل النابغة أحكام محكمة النقض ، التي لها حُكم تكريس الملكية بالعقد الابتدائي ، وليس بالشهر والتسجيل ؟! فهل أنتم عازمون على تجاوز تلك الأحكام ، وقد أصبحت سوابق قضائية لها صفة التشريع ؟!
…….
سيدي الفاضل ، إن مصر ، بل العالم أجمع ، في جائحة خطيرة نتيجة فيروس كورونا .. نسأل الله العلي القدير ، العفو والعافية….فيا ليت أياديكم الكريمة تنقذ الشعب الشقي من جائحة التشريع “كوفيد – 35” !

عن Gihan Elgarhy

شاهد أيضاً

قصي خولي في “كاربول كاريوكي”: العائلة مهمة في حياتي

كتب ابراهيم احمد حضور جماهيري لافت يحظى به الفنان السوري قصي خولي الذي تمكن من …