مقال بقلم : د . مختار القاضي
مراجعة لغوية : جيهان الجارحي
سيناء مليئة بالآثار المصرية على مر العصور التاريخية ، بداية من عصور ماقبل التاريخ ، مرورا بالعصر الفرعوني فاليوناني الروماني ، ثم القبطي والإسلامي ، كما تتميز سيناء بسمات خاصة في آثارها بصفتها منطقة حدودية ، فتكثر بها التحصينات العسكرية والقلاع التي شيدت لحماية الحدود أو لتزويد المسافرين بالماء والطعام والمؤن وغيرها . ولعل أهم الطرق القديمة في سيناء هي طريق حورس الحربي وطريق العائلة المقدسة ودرب الحج القديم ، وجميع هذه الطرق بها الكثير من الآثار التي يجب الاستفادة بها وتنميتها سياحيا واقتصاديا .
ومن أهم الآثار الموجودة في سيناء مدينة الفرما ، وبها قلعة الفرما وبلوزيوم والكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية المسماة بمجمع كنائس تل مخزن ، وهناك أيضا قلعة الغوري بسهل الطيبة ، وقلعة الفلوسيات ، وقلعة نخل ، وقلعة القريص ، ولوحة نقش الفوري برأس النقب ، وقلعة المحمديات ، ودير سانت كاترين ، وقلعة صلاح الدين الأيوبي أو قلعة الجندي ، ومعبد سرابيط الخادم ، ومسجد الظاهر بيبرس بقاطية ، والنصب التذكارية للقائد الروماني الشهير بومباي ، وغيرها الكثير من المناطق الأثرية ، بالإضافة إلى متحف العريش القومي ومتحف طابا . جميع هذه الآثار لها قيم تاريخية ودينية وانفعالية هامة للغاية . وللاستفادة من هذه الآثار اقتصاديا وسياحيا ، يمكن عمل مشروعات دراسات لها تمهيدا لفتحها كمزارات سياحية لها عائد اقتصادي يعود على الدولة بتوفير العملة الصعبة عن طريق السياحة ، وبالتالي زيادة الاحتياطي النقدي ، وإتاحة فرص عمل كثيرة للشباب من أبناء سيناء والمقيمين فيها .
تحتوى سيناء أيضا على أقدم كنائس وأديرة في العالم ، والتي تعود إلى سنة ٢٠٠ ميلادية بما يسمى الكنائس البازيليكية ، والتي لو تم فتحها للزيارة بعد تجهيزها ستتمكن من جذب السياحة الدينية بأوروبا وروسيا وأمريكا ، بالإضافة إلى تنشيط السياحة الداخلية ، بما سيدر على الدولة ملايين الدولارات سنويا . ولكي يتم إعداد الآثار الثابتة ، وهي المباني والمنشآت كمزارات سياحية ، فلابد من عمل مشروعات ترميم أو إعادة بناء لها ، وبعد ذلك يتم عمل الصيانة الدورية لها كلما كانت في حاجة اليها . بالنسبة لفتح وإعداد منطقة كمزار سياحي ، لابد من عمل دراسات مشروعات الترميم التي تشتمل على الرفع المعماري والمساحي والفوتوغرافي ، وتحديد عوامل الرصد والاتزان للمبنى ، يعقبها تحديد العيوب والتلفيات ، ثم اقتراح طرق العلاج والترميم ، وفي حالة وجود مياه جوفية يتم وضع الحلول المناسبة لخفض منسوبها ؛ حتى لا تسبب أضرارا للمبنى الأثري أيا كان نوعه ، ومن هنا يبدأ مشروع الترميم .
عقب انتهاء مشروع الترميم يتم عمل مشروعات مكملة له ، مثل مشروع كهرباء لإنارة المبنى الأثري ، أو مشروع زرع مساحات خضراء حول المبنى ، وكذلك إنشاء مجمع خدمات يضم أماكن لمبيت الحراسة ودورات مياه وحجرة تذاكر وغيرها ، وكذلك إنشاء بازارات سياحية لبيع الهدايا والتذكارات للسائحين . يمكن بعد ذلك وضع هذه الأماكن الأثرية على الخريطة السياحية ، والترويج لها إعلاميا ونشر معلومات مختصرة عنها ؛ حتى يمكن عمل الجذب السياحي اللازم لها إقليميا ودوليا . يمكن كذلك الاستعانة بالملحقين الثقافيين بالسفارات المصرية المنتشرة في كافة دول العالم ؛ للتعريف بأهم الآثار المصرية على مر العصور وتشويق السياح الأجانب لزيارتها من كافة دول العالم .
تعتبر المناطق الأثرية في سيناء متاحف مفتوحة ، بها الكثير من التشويق والمعلومات التي تهم وتشغل كافة التخصصات الدينية والمعمارية والهندسية والفنية ، مما سيشجع هؤلاء على السفر إلى مصر لمشاهدة هذه الآثار التي تمثل تحف معمارية قيمة ، لا وجود لها سوى في سيناء بصفة خاصة وفي مصر بصفة عامة .