مقال بقلم : د. مختار القاضي
مراجعة : جيهان الجارحي
لقد ترك لنا الأجداد من المصريين القدماء تراثا زاخرا بالعلوم والفنون والآداب ، منذ عصور ما قبل التاريخ ، أي ما قبل اكتشاف الكتابة وحتى الآن . ولعل الحفاظ على الآثار وتاريخ الأجداد بمثابة قضية أمن قومي ؛ ومن أجل ذلك سنت الدولة العديد من القوانين التي من شأنها المحافظة على الآثار ومنع العبث بها بأية طريقة من الطرق .
وسوف أذكر في هذا المقال عددا من الجرائم التي من شأنها الزج بمرتكبيها إلى السجن ، ولقد طالب بعض علماء الآثار ، باعتبار بعض الجرائم المتعلقة بالآثار بمثابة خيانة للوطن ، كما طالبوا بأن يعتبر تهريب وسرقة الآثار أو الإتجار فيها خيانة للوطن ، يتم معاقبة من قام بها بتهمة الخيانة العظمى .
ومن أهم هذه الجرائم الحفر خلسة ، أي الحفر بعيدا عن القانون ، والتنقيب عن الآثار تمهيدا لبيعها أو تهريبها . ومن الجرائم أيضا التي حرمها قانون الآثار ، التعدي على المناطق الأثرية ، سواء بالبناء أو الزراعة . أضف إلى ذلك تهمة تشويه الأثر ، وهي جريمة أيضا يجب عدم القيام بها ؛ حتى لا يتعرض مرتكبوها للسجن .
ومن أهم وأخطر من يتم محاسبة وتطبيق قانون الآثار ضدهم ، هم الأثريون أنفسهم ، فمن يرتكب منهم جريمة الحفر خلسة ، أو سرقة الآثار أو الإتجار فيها ، فسوف يتم فصله فصلا تأديبيا من العمل بمجرد إدانته بارتكاب هذه الجريمة ، كما يتم حرمانه من المعاش وصندوق الرعاية وصندوق الزمالة ، بالإضافة إلى دخوله السجن كعقاب عما اقترفه من جرم في حق نفسه وشرف مهنته ، وفي حق أسرته ومجتمعه ؛ لذا نادرا ما تقع تلك الجرائم من جانب الأثريين .
من الجرائم التي يعاقب عليها قانون الآثار كذلك ، سرقة الآثار أو تهريبها أو الإتجار فيها ، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة ١٥ عاما . ورغم هذه العقوبات الرادعة التي سنها القانون المصري ضد المجرمين الذين يتاجرون بتاريخ بلادهم ، إلا أن هذه الجرائم لازالت ترتكب بصورة واسعة النطاق ؛ بحثا عن الثراء السريع أو الغنى الفاحش .
وفي سبيل القضاء على تلك الجرائم ، أعطت وزارة السياحة والآثار حق الضبطية القضائية لمفتشي الآثار وأمناء المتاحف من الأثريين ، فيما عدا أخصائيي الترميم الذين يطالبون بمنحهم حق الضبطية القضائية ، بصفتهم أثريين خريجي كليات الآثار بمختلف الجامعات المصرية .