بقلم : د. مختار القاضي
مراجعة : جيهان الجارحي
تاناما هو دبلوماسي ياباني ، كان يعمل في القنصلية اليابانية في روسيا ما بين عامي 1904 م و 1905 م ، كمستشار عسكري بالسفارة ، وقد كان جاسوسًا ماهرًا شديد الذكاء ، تمكن من خلال عمله بالسفارة اليابانية في روسيا من جمع كم كبير من المعلومات وإرسالها إلى اليابانيين الذين كانوا يملكون قوات عسكرية كبيرة ، وجهاز مخابرات وطني ، وتماسك قوي في الجبهة الداخلية .
حاولت المخابرات الروسية الحصول على معلومات عن تاناما تؤكد تورطه في التجسس دون جدوى ، وأخيرا قررت دس فتاة حسناء عليه لتقوم باتهامه بالتحرش الجنسي بها ، وفي هذه الحالة يخرج بفضيحة من روسيا ، فلا يكون أمامه سوى العودة إلى بلاده ، والانتحار بسبب العار الذي دنّس به اليابان جرّاء علاقته النسائية . علم تاناما بالخدعة ، وعلى الفور اتصل بالمخابرات الروسية ليستعين بها في وقف الفتاة عن اتهامه بالتحرش بها ، ولكن المخابرات أفادته بأنها لا تستطيع أن تفعل شيئا ، وأن عليه مغادرة روسيا على الفور .
غادر تاناما روسيا عائدا إلى اليابان ليدرأ عن نفسه فضيحة مُدوِّية تدنس تاريخه العسكري ، وما يترتب عليها من الإسراع بالانتحار كعادة اليابانيين . فكر تاناما في الانتقام من الروس ، فظل يرسل إليهم معلومات عن الجيش الياباني وتسليحه وطرق إعداده وتدريبه ، وأهم المواقع العسكرية والمعدات وغيرها من المعلومات . التقطت المخابرات الروسية هذه المعلومات دون أن تُعيرها أي اهتمام ؛ وذلك من مُنطلق أنها لم تطلب منه التجسس على بلاده ، كما أنه لم يكن مصدر ثقة للمخابرات الروسية .
ظل تاناما يرسل إلى الروس معلومات متتالية والروس تتجاهلها ، إلى أن أعلنت القوات اليابانية إلقاء القبض على تاناما والحكم عليه بالإعدام شنقا بتهمة التجسس لصالح الروس والخيانة العظمى لبلاده ، وبعدها تم الإعلان عن انتحار والد تاناما بسبب العار الذي لوَّث به سمعة العائلة بخيانته لبلاده اليابان .
هنا بدأت روسيا الاهتمام بالمعلومات التي أرسلها تاناما إلى الروس ، وبدأت في فحصها وتحليلها والاهتمام بها ، حتى اندلعت الحرب وهُزمت فيها روسيا شر هزيمة ، حيث اتضح كذب هذه المعلومات وعدم صحتها جميعها . كان تاناما قد تقبَّل حكم الإعدام ، كما انتحر والده تنفيذًا لخطة وضعتها المخابرات اليابانية لخداع الروس في الحرب وتشتيتهم بمعلومات كاذبة ومضللة ، لا طائل من ورائها سوى الهزيمة .